“الإجابة”.. حي المسجد والتاريخ والدعوات الثلاثة
تقف المدينة المنورة شامخة بين المدن بمعالمها الإسلامية، فقد كرمها الله بسكنى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، حتى أصبحت كل بقعة من بقاعها تتشرف بذكرى له، فها هو حي بني معاوية، الذي يعرف بحي الإجابة، يشتهر باحتوائه مسجد الإجابة، الذي دعا فيه الرسول صلى الله عليه وسلم ربه بثلاث دعوات استجاب الله له في دعوتين ولم يستجب له الدعوة الثالثة.فقد أقبل عليه الصلاة والسلام ذات يوم من العالية، ومرّ بمسجد بني معاوية ودخل صلى الله عليه وسلم فركع فيه ركعتين وصلوا خلفه من الصحابة رضوان الله عليهم ثم دعا ربّه طويلًا ثم انصرف بوجه للمصلين معه فقال عليه الصلاة والسلام سألت ربّي ثلاثًا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة الأولى سألته إن لا يهلك أمتي بالسّنة (الجدب وهو انقطاع المطر) فأعطاني إياها وسألته الثانية أن لا يهلك أمتي بالفرق (الفزع) فأعطاني إياها وسألته الثالثة ألا يجعل بأسهم بينهم فمنعني أياها.ومنذ ذلك الوقت أطلق هذا المسمى على مسجد بني معاوية مسجد الإجابة لإجابة رسول الله علية الصلاة والسلام لدعاء ربه بداخل هذا المسجد، وكان قبل ذلك معروف بمسجد بني معاوية لأن هذا المَسجد واحدًا من المساجد، التي تمّ بناؤها على يد قبيلة (بني معاوية) فوق تلال هي آثار قرية بني معاوية بن مالك بن عوف من الأوس، وهو مسجدهم وبهم يسمى.وأشار محمد الطيب الشريف الباحث في التاريخ إلى أن حي الإجابة كان يسمى بحي بني معاوية، وبنو معاوية هم بنو مالك بن عوف وهم من الأوس، مشيرًا إلى أنهم كانوا يقطنون هذا الحي، وقاموا ببناء المسجد في حيهم وكان يسمى بمسجد بني معاوية، وهو مسجدهم وبهم يسمى وتغير مسمى المسجد بعد أن صلى به رسول الأمة عليه الصلاة والسلام ركعتين ودع ربه بثلاث دعوات استجاب الله له في دعوتين، ولم يستجب له الدعوة الثالثة بعدها سمي بمسجد الإجابة بدلًا من مسجد بني معاوية.وأضاف أن الحي أصبح يعرف بين أهالي المدينة المنورة باسم حي الإجابة، مبينًا أن مسجد الإجابة أصبح خربًا حتى القرن التاسع من الهجرة النبوية ثم تم ترميمه في أواخر القرن التاسع بأسم مسجد «الإجابة»، وفي عام 1418هـ قامت وزارة الأوقاف في المملكة العربية السعوديّة بهَدمه في عهد الملك فهد - يرحمه الله- وأقامَت مكانه بناء مسجد بشكل معماري جميل وتمت توسعته عن ذي قبل.من جهته، أشار محمد عبدالله وبكر صالح من قاطني الحي، إلى أن من أهم ما يوجد حاليًا في حي الإجابة بعد مسجد الإجابة التاريخي هناك شجرة عمرها أكثر من خمسين عامًا غرستها سيدة واهتمت بها حتى فارقت الحياة.وأضافا أن هذه الشجرة تحمل ذكريات تلك السيدة وتنتج حبيبات تشبه حبات التمر وطعمها مر وتسمى «بتمرة العبدة»، لافتين إلى أن هذه الحبيبات مفيدة للمعدة لمن لديه قابض وملينة للمعدة.فيما أشار كل من آدم علي إمام وصادق محمد، إلى أنهما سكنا حي الإجابة منذ ما يزيد على ستين عامًا، لافتين إلى أن البيوت كانت عبارة عن عشش وصنادق، وأكثر ما يوجد في الحي المزارع وعدد من البلدان منها بلاد شاكر وبلاد السعد ومزرعة طيبور.وذكرا أن منطقة الإجابة كانت تتميز بوجود مصانع للطوب اللبن، حيث كانا يعملان في تصنيع الطوب وإيصالها للراغبين في شرائها، لافتين إلى أن سعر الألف طوبة كان يبلغ عشرين ريالًا.وأضافا أن الحي بدأ يشهد بعد ذلك المشروعات التطويرية، منها افتتاح شارع الستين، الذي يفصل حي الإجابة عن المنطقة المركزية، إلى جانب إنشاء العمائر، لافتين إلى أن معظم سكانه كانوا من الأفارقة.من جانبه، أفاد نادر محمد حسين، مراقب مسجد الإجابة، إلى أن من طبيعة عمله إرشاد الزوار، وشرح سبب تسمية مسجد الإجابة بهذا الاسم.