مؤتمر التعليم العالي: الواقع والتطلعات
تاريخ النشر: 20 أبريل 2014 01:58 KSA
تحسن صنعًا وزارة التعليم العالي عندما تُنوع من فعالياتها بهدف إيصال رسالتها بشكل احترافي لكل المستهدفين من خدماتها، ويتعاظم الحُسن في بهائه عند إقامة مؤتمر دولي يضم تحت مظلته أكثر من ٥٠٠ جامعة ومؤسسة علمية وأكاديمية تقدم خدماتها للزائرين، ولكن الأجمل هو تقييم هذه التجارب لمعرفة جدواها الأكاديمي والتقليل من الهدر الذي قد يُصاحب مثل هذه الفعاليات.
المؤتمر والمعرض الدولي للتعليم العالي الذي اختتمت فعالياته يوم الجمعة الماضي هو المعنيّ بالمقدمة أعلاه؛ فالفكرة من حيث المبدأ جيّدة ودعم استمرارها لا يقبل النقاش، بينما الممارسة على أرض الواقع تحتاج إلى إعادة نظر في آليِّاتها بهدف تهذيبها وليس الانتقاص منها، ولعلي -هنا- استعرض بعضاً منها بإيجاز وهي :
1- عدم إقامة المؤتمر والمعرض كل سنة؛ لما يُسببه من ربكة - بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى - للجامعات، فلماذا لا يُنفَّذ كل عامين على أقل تقدير؟!
2- الحد من المبالغة في الديكورات التي تنفذها الجامعات السعودية مما يُسبب في هدر مالي من المفترض توجيهه لأماكن ينعكس أثرها الايجابي على مشاركة الجامعة في الوقت الذي نرى قمة البساطة في أجنحة الجامعات غير السعودية؛ مما يُرسخ أن ثقافة المجتمع تحكم حتى الجامعات التي يُفترض أن تقود المجتمع لا العكس !
3- ترشيد مشاركة منسوبي الجامعات السعودية وعدم فتح الباب على مصراعيه، واعتبار حضوره لهم رحلة يتنفسون من خلالها على حساب عملهم الأصلي.
4- إعادة تنظيم الورش والتجارب التي تعرضها الجهات في قاعة المؤتمرات بشكل نضمن من خلاله وصولها للمستهدفين الأصليين؛ فالتخصصية مطلب حتمي في عصر يُركز على تخصص التخصص.
5- منع باقات الهدايا غير العلمية التي أصبحت تتنافس فيها الجامعات وكأننا في صالة حفلات وليس معرضاً يُفترض أن يتواءم مع مسماه العلمي.
6- الحد من دخول صغار السن لصالة المعرض، والبعد عن إقحام زيارات المدارس في مكان لا يتفق ومتطلباتهم الآنيِّة؛ لما سببوه من كثافة عددية دون فائدة ناهيكم عن إشغال القائمين على الأجنحة بأسئلة لا تتجاوز أن تكون 'تسجيل حضور' ولكنه للأسف باهت.
بينما يكمن الجانب المضيء لهذه الفعالية في نجاح وزارة التعليم العالي في جمع أعرق الجامعات الدولية التي تقدم تحت سقف واحد خدماتها العلمية وتجاربها العملية في الكثير من المسابقات رغبة منها في استفادة المعيدين والمحاضرين بالجامعات السعودية للحصول على القبول واختصار مسافة الزمن، وتقريب المكان لهم؛ ليكملوا دراساتهم العليا فيها، كما أن المُلفت في هذا العام هو المحور الرئيس الذي تبناه المؤتمر والمتمثل في 'الابتكار' ليتواءم هذا التوجه مع الطموحات الكبيرة للقيادة الرشيدة في تعزيز الاهتمام بالموهبة والموهوبين من خلال اختيار 'الابتكار' كمحور رئيس له إذ يُعوَّل على المبتكرين والمبدعين قيادة مؤسسات الدولة وتولِّي الريادة بين الأمم في المستقبل الذي لم تعد تؤمن بغيره وسيلة للتنافس وطريقة تميزها عن غيرها؛ مما جعل المعرض فرصة سانحة لتبادل الخبرات وتلاقح الأفكار، الأمر الذي جعلنا أمام منظومة متكاملة من الخدمات تعكس رؤية واضحة لوزارة طموحة ترفض الكلاسيكية في تعاطيها مع المستجدات، وتسعى جاهدة بكل إمكاناتها لمواكبة التطورات السريعة المستندة على الثورة المعلوماتية؛ التي أضحت الخيار الأصعب للمنظمات، فإما أن تستطيع أن تُثبت حيويتها من خلال التوظيف الأمثل لكل مكوّناتها المعرفية، أو أن تُعلن إخفاقها في عالم لا يؤمن بالثابت كمتغيّر.