سبقَ السيفُ العذل
تاريخ النشر: 11 مايو 2014 04:20 KSA
شرعت قبل أيام في البوح عما يعتمل في نفسي من أحاسيس ليست مفرحة, سببها الأساسي مستقبل بعض مظاليم النظم الإدارية البالية , ورأيت أن الأمر يحتاج صرخة مدوية تسمعها الجهات المعنية , كأقل ما تكون المواساة لتلك الفئة المتضررة بغير مبرر , فتطرقت في مقالي للذين اعتادوا على تلقي الصفعات من إدارات تعمل بالعقلية السقيمة , فهي تتفنن في ترفيع وتحفيز البعض على حساب من هو أولى منهم قدرة ومهارة وأداءً , إنها أساليب شجع على تفاقمها غياب القوانين المنظمة لتلك الجهة , فكان لابد لكل قلم صادق أن يدلي بدلوه , فاخترت لمقالي عنواناً أجبرني عليه ذلك الواقع المرير وهو (بيع القيم وشراء الذمم) ولكن بحمد الله قبل الفراغ من تلك المادة المكتوبة بمداد الحسرة , فوجئت بقرار الخدمة المدنية القاضي , بتسريع إنجاز ترقية الموظفين , وإنشاء مركز شكاوى لرد الحقوق , فمزقت الورقة وشرعت في إعداد مادة جديدة تناسب الخطوة الواثقة للخدمة المدنية والتي تبشر بالإصلاح وتطوير الأنظمة القديمة البالية , وتؤكد الجدية وفق سياسة التغيير التي تسود وزارة الخدمة المدنية , التي قررت أن يكون دليل الوظائف , محور الارتكاز الأساسي للخدمة المدنية , حيث احتوى على تقسيم الأنشطة وتحديد متطلبات فئات ووظائف الخدمة المدنية , برصد المعارف والقدرات والمهارات , كما تقدمت الوزارة بخطوة جادة أخرى تتمثل في مبادرة تقضي بتكامل المعلومات مع القطاعات الحكومية , كمعين ضابط لتحديد ترقيات الموظفين وسرعة إنجاز هذا الحق , وحتى تتحقق العدالة التي تضمن الحقوق , سيشرف على عملية الترقيات متخصصون قانونيون, كما حددت الوزارة لانطلاقتها هدفاً هو خدمة الموظف بصورة لا ظلم فيها ولا ضيم , واتخذت لمسيرتها شعاراً رائعاً هو (خدمة مدنية احترافية مميزة ) وحتى يكون هذا الشعار واقعاً ملموساً قررت الوزارة استقطاب كوادر بشرية قادرة على الارتقاء بمستوى الخدمة المدنية لدرجة التميز فعلاً وعملاً وفق النظم والإجراءات التي تعمل الوزارة على ترسيخها , ومن ثم تحقق مبدأ العدالة والطمأنينة للموظف ليكون معيارها الرئيس (الجدارة وتكافؤ الفرص والشفافية والنزاهة) علماً بأن الوزارة تدرك أنها أمام تحدٍ كبير يعكسه الكم الهائل من خريجي الداخل والخارج , ولما كان يلزم هذا التحدي حل ناجع , وضعت الوزارة برنامج (جدارة للاختبار والتقويم ) مستعينة في ذلك بتجارب شركات إقليمية وعالمية تعتمد الكفاءة مقياساً لشغل الوظائف , من كل ذلك الجهد المدروس يتضح حرص الوزارة على معالجة قصور الماضي باستخدام الأسلوب الأمثل للتوظيف وتوزيع الفرص بعدالة وشفافية , تحكمها النظم المتطورة التي تواكب النهضة التي يشهدها الوطن في كافة المجالات , آخذة في الاعتبار ما يناسبها من تجارب بعض دول العالم مثل (أمريكا وبلجيكا واليابان ) بالإضافة للمكتب الأوروبي للتوظيف .
هذا وقد أطلقت الوزارة عدة مبادرات , تشتمل على الحلول والمهارات المطلوبة , التي ترتقي بأداء الموظف في مجالي التدريب والابتعاث , فرغم أن طلبات التوظيف تصل في العام إلى 360 ألف طلب , فقد وضعت الوزارة حلاً موضوعياً وناجعاً لهذا التحدي الكبير , بالتضامن مع مراكز خدمة المجتمع في الجامعات ومن خلال مراكز تدريب توفر للموظف التدريب المطلوب للعمل في القطاع الحكومي . فكل هذه الجهود تؤكد أننا موعودون بفجر مشرق للخدمة المدنية , وأن النظم العقيمة تم طيها إلى الأبد , لهذا اخترت لمقالي الجديد عنوان (سبق السيف العذل ) أي أن الأخبار السعيدة بترت شريط الأفكار الحزينة , فالتحية لهذه الوزارة المتجددة .