التلوث في جدة تجاوز الخطوط الحمراء

التلوث في جدة تجاوز الخطوط الحمراء
التلوث البيئي من أكثر المشاكل المهددة لصحة الإنسان، ومشكلة التلوث في جدة بدأت منذ ما يقارب 25 عاما وتركّزت في مشكلتي الصرف الصحي والنفايات. وفي أبسط تعريف للتلوث البيئي من الممكن القول: بإنه ذلك السلوك المؤدّي إلى 'إحداث تغيّر في البيئة التي تحيط بالكائنات الحية بفعل الإنسان وأنشطته اليومية، مما يؤدي إلى ظهور بعض الموارد التي لا تتلاءم مع المكان الذي يعيش فيه الكائن الحي ويؤدي إلى اختلاله'. وهذا التلوث إنما يشتمل على أنواع كثيرة؛ فهناك تلوث الهواء، والمياه بما فيها مياه البحر والبحيرات، والتربة، والتلوث الناتج من المخلفات الصلبة والمخلفات الخطرة. ويزداد الأمر خطورة إذا عُلم أن كل جزء من أجزاء التلوث يؤثر في الجزء الآخر في شكل عملية تبادلية يكون الكائن الحي أبرز ضحاياها. والأبحاث التي قامت بها كلية علوم البحار كشفت عن وجود معدلات مرتفعة من التلوث البيئي بمدينة جدة بخاصة ذلك التلوث الذي طال شاطئها، وهو تلوث متعدد الأنواع، سواء ما كان منه صناعي أو غير ذلك، الأمر الذي فاقم من مشكلة التلوث وجعلها تتجاوز كل الخطوط الحمراء العالمية، بل وانعكس بشكلٍ مباشر على المخزون السمكي الذي انخفض بدوره إلى ما نسبته (50%)، في بيئة البحر الأحمر شديدة الحساسية، إضافة إلى عوامل أخرى حيث ارتفاع درجة حرارة المياه، وتركيز الأملاح، ونقص العناصر المغذية نتيجة لعدم وجود أنهار تصب فيه، أو أمطار تسقط عليه، وكل ذلك هو بحاجة حقيقية إلى مزيد من الحماية. إن مكافحة التلوث في هذا البحر ستجعله يتمتع بكامل مقومات الحياة، والأمر يتعدى سلوكيات الفرد العادي وما قد يحدثه من تلوث؛ إذ ثمة جهات ومنشآت صناعية لا تتورع في رمي مخلفاتها بشكل مباشر وبدون أي معالجة، إضافة إلى مخلفات الصرف الصحي المصدر الرئيس لهذا النوع من التلوث، والذي يُلقى عن طريق توصيلات غير نظامية على شبكة تصريف الأمطار، وشبكة تصريف المياه الجوفية، أو تصريف مياه الصرف الصحي المعالجة جزئياً (معالجة أولية) من محطات المعالجة حسب ما أكده خبراء بيئيون مهتمون بهذا الشأن (الخبير سمير فتاني جريدة المدينة 16/3/2014م). وثمة تلوث عضوي من ناقلات البترول وما قد يسببه تصادمها في بعض الأحيان من تسريبات خطيرة. لقد عانى قاطنو جدة -عروس البحر الأحمر- من تلوث مدينتهم، وما زالوا يعانون بما لحق بهم من أضرار صحية ومالية ونفسية؛ فالشواطئ والبحيرات باتت كلها ملوثة تنبعث منها روائح كريهة، وانبعاثات سمية خطرة. وحتى المتنزهات والحدائق والمسطحات الخضراء لم تعد في معزل عن التلوث وتبعاته. إن غياب الوعي والرقابة أدى إلى تفاقم الإشكالية بشكل كبير، وهذا ما صرح به المتحدث الرسمي للأرصاد وحماية البيئة حسين القحطاني حيث كان شفافا بقوله: إن (350) مصبّا للصرف الصحي تصب في البحر، مؤكداً بأنه تم توثيق مثل تلك التجاوزات في العديد من المواقع على طول شاطئ جدة، وما زال العمل جاريا. (جريدة المدينة 16/3/2014م). والسؤال هنا كيف أن الدراسات مازالت مستمرة وهناك خطة استراتيجية لـ(25) عاما وضعت وفقا لدراسات تمت بعد إجراء مسح ميداني بيئي شامل صرح به الدكتور عبدالعزيز الجاسر رئيس الهيئة، وسبق أن كتبتُ مقالا أشدتُ فيه بتلك الخطة وطلبت من الرئاسة إيضاح الآليات والإجراءات التي سوف تنفذ بموجبها تلك الخطة بغرض إيضاح ذلك للجميع، إلا أن رئيس الهيئة والمتحدث الرسمي تجاهلا ذلك! وطالما أن هناك دراسات مازالت مستمرة، فيعني ذلك أن الإدارات السابقة لم يكن لديها رؤى واضحة وخطة إستراتيجية! والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل ستستمر الرئاسة في تلك الدراسات، في الوقت الذي ما زال التلوث فيه مستمرًا، والناس ما زالوا منه يعانون، أم سنحظى بتوضيح من قبل الرئاسة بآلية التنفيذ للخطة الإستراتيجية لمكافحة التلوث؟ هذا ما نرجوه.

أخبار ذات صلة

قراءة متأنية لرواية «رحلة الدم» لإبراهيم عيسى (3)
لماذا إسبانيا؟!
الموانئ والجاذبية في الاستثمار
احذروا ديوانيَّة الإفتاء!!
;
قصة عملية مياه بيضاء..!!
منتجات المناسبات الوطنية!
القيادة.. ودورها في تمكين المرأة للتنمية الوطنية
الرُهاب الفكري!
;
(1) رجب.. ووهم فجوة الأجيال
علماء ساهموا في بناء الحضارة الإنسانية
في ذكرى اليوم الوطني الرابع والتسعين
رسالة نافذة
;
صهــــرجة
النافذة المكسورة!!
التنمية.. والسياحة
مبادرة سعودية رائدة.. تُعزز القطاع غير الربحي