طعمُ العيد أصبح مُختلف المذاق
تاريخ النشر: 27 يوليو 2014 02:23 KSA
انطوى الشهر الفضيل، فقطف أهل الطاعات بإذن الله ثمرات صيامهم وقيامهم فهنيئاً للمتقين، وخسر تلك الحوافز الربانية العظيمة آخرون، هداهم الله إلى طريق الحق والهدى، هاتان الفئتان جزاؤهما على الله واللهُ غفورٌ رحيم، فكلُّ فئةٍ اختارت طريقها، فماذا نقول عن أولئك المحرومين والمحاصرين الذين أطفئت نارُهم، ودُمِّرت ديارُهم، فقُتل العائل وشُتِّتت الأرامل، وأصبحت الأُسرُ في عَوَزٍ وحاجة، والأطفالُ يتضورونَ جُوعاً ولا يجدون ما يسدُّ رمقهم، فجُلُّهم يتامى وما تبقى طريحُ فراش المرض وأسير الأوبئة والفقر، إنهُ زمنٌ ذُلَّ عزيزهُ وأُهِينَ كريمُه، فلنا أن نتصور طعم العيدِ عندهم، لا بدَّ أنه مرُّ المذاق وعلقمٌ لا يُطاق، نسأل الله جلَّ وعلا أن ينصُرَهم، وأن يأتي عليهم رمضان مجدداً وهُم أقدر على أداء عبادتهم وقد تحققت أمنياتهم لعيشٍ أفضل وتطلعاتهم لحياةٍ كريمة، فصبراً جميلاً أيها الصَّامدون، واعلموا أن استقبالكم الحزين للعيد يُحزننا أيضاً وحرمانكم يؤلمنا قطعاً، وكلما امتدت أيادي العطاء لصغاركم فابتسموا، فرحنا أيما فرح وسعدنا أيما سعادة، وهذا ما تعلمناه من قائد مسيرتنا وراعي نهضتنا خادم الحرمين الشريفين أيده الله وحفظه ورعاه، وهو يحمل هم المهمومين وعناء المستضعفين، فما أحوج العالم اليوم إلى حكمة هذا القائد الفذ، ورجاحة فكره الرشيد ورأيهِ السديد وعطائه الذي لا يخفى على أحد، وهو يمدُّ جسور الخير المتواصل والعون المستمر لإخواننا في سائر البلاد التي ظلَّت شُعوبها تدفع الثمن باهظاً، فكلُّ عامٍ وأنت بخير وعافية أيها القائد الحكيم المُلهَم وأدامك الله ذُخراً وفخراً للعروبة والإسلام.
نعم ظلت تلك الشعوب تدفعُ الثمن على جُرمٍ لم تقترفهُ وذنبٍ لم ترتكبهُ وكأنهم يقولون: «حظُّنا الذي جنى علينا وما جنينا على أحد»، فها هي غزة تئنُّ تحت وطأة العُنف وشراسة القِتال، مئات العُزّل يتهاوون صرعى وهم يواجهون عدواً استثنائياً لا يعرف أسلوباً غير القصف والتدمير، وكان من الممكن أن ينحسر الطوفان ويتراجع العدوان، فلمصلحة من يُبادُ هذا الشعب المغلوب على أمره؟
إن فرحة العيد المعتادة تبدو ناقصةً هذا العام والعالم يُتابعُ بالحُزن والأسى تلك المذابح في غزة وسوريا والعراق وغيرها من البلاد، ونعلمُ أن طعم العيد في مثل هذه الظروف مرٌّ علقم، ولا بُدَّ أن من يعيشون هذا الوضع الأليم لا يذكرون من العيد إلا قول القائل:
عيدٌ بأيةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ
بما مضى أم بأمرٍ فيه تجديدُ
إن الواقع يؤكدُ أن العيد قد أتى هذا العام على هؤلاءِ الأبرياء العُزَّل بما مضى فما زال الحالُ كما هو ليس فيه جديد قلوبٌ دامية وعيونٌ دامعة ومآسٍ مُتفاقمة، ولا يسعُنا إلا أن ندعو الخالق جلَّ وعلا، أن يُخلص إخوتنا المنكوبين والمستضعفين وكافة المظلومين من أهواءِ النظام وطُغيان الحُكَّام وقسوة الأيام، وأن يُعيد علينا وعليهم العيد السعيد وأمتنا العربية والإسلامية ترفلُ في حُلل المجد والعزة ودام وطنُنا مُتألقاً ومُزدهراً وآمناً مطمئناً في ظل نهضته الكبرى، ودام شعبُه في رغدٍ من العيش والحياة الكريمة، وهو سعيدٌ بقيادته الرشيدة وعهدهِ الميمون، فالقادم بإذن الله أحلى والغدُ بمشيئة الله أفضل فمن العائدين والفائزين والمنتصرين لتكتمل الفرحة ويعُود للعيدِ طعمُه وللأيام مذاقُها.