سنرجع يوما إلى حينا
تاريخ النشر: 06 أغسطس 2014 03:17 KSA
تصطدم عربة مثلجات بحائطٍ فولاذي بارتفاع شاهق وعمقٍ كبير، منطقيًا لا بد لمن يقف على العربة أن يسلك طريقًا آخر أو يجرب حيلة أخرى.
في الماضي طالب الرئيس التونسي الراحل 'بورقيبة' العرب بأن يقبلوا باقتسام الأرض مع الإسرائيليين يوم كانت للعرب اليد العليا.. وما سمعنا إلا صوت المزايدين الذين أصروا على رمي اليهود في البحر!
عقود والقضية الفلسطينية تخرج من نفقٍ مظلم إلى نفقٍ أصغر وأحلك منه ولا يزال العرب بظاهرتهم الصوتية يشجبون ويستنكرون.
أنا منذ خمسينَ عامًا،
أراقبُ حال العربْ.
وهم يرعدونَ، ولا يمُطرونْ...
وهم يدخلون الحروب، ولا يخرجونْ...
وهم يعلِكونَ جلود البلاغةِ عَلْكًا
ولا يهضمونْ...
رأيتُ جُيوشًا... ولا من جيوشْ...
رأيتُ فتوحًا... ولا من فتوحْ...
وتابعتُ كلَ الحروبِ على شاشةِ التلْفزة...
فقتلى على شاشة التلفزة...
وجرحى على شاشة التلفزة...
ونصرٌ من الله يأتي إلينا... على شاشة التلفزة...
عندما كنت صغيرًا كانت القضية الفلسطينية قضية كل العرب، اليوم ما يذكر في وسائل الإعلام هو كلمة 'غزة'، ولا ذكر لفلسطين بسبب تزايد الانقسام السياسي.. وعندما تتصارع الفيلة.. يتضرر العشب وحده، وحال إخوتنا هناك من سيئ إلى أسوأ.. عيشًا في مناطق هي الأعلى في الكثافة السكانية في العالم وسط غياب تام لأبسط الخدمات والبنى التحتية، ما حذى بمبادرةٍ شجاعة من هذه البلاد بعرض الرجوع الى حدود 67 لكي يتوقف نزيف دم الأبرياء.
المشهد العالمي اليوم -بعدما كتب المنتصر تاريخه- يعلم جازمًا أن هناك دولةً اسمها 'إسرائيل' ببرلمان وجيش وشعب، وأن هناك أقلية عرقية تسمى فلسطينيين وأحيانًا تضاف لها كلمة 'إرهابيين' من قبل الآلة الإعلامية الكبرى.
يا سادة يا كرام.. إنني مع الانفتاح على فلسطين وإخواننا هناك ومع احداث حراك ثقافي (معارض لوحات، فلكلور، شعر، مسرحيات) اجتماعي يبلغ صداه العالم الصغير الذي بتنا نعيشه، إن هناك مقابلات متلفزة لشبكات إنجليزية وأمريكية لمراسلين في مطلع الخمسينيات يختمون فيها مقابلاتهم بكلمات مثل: 'فلسطين المحتلة'، يجدر بنا أن نجمع هذه الوثائق المهمة في ارشيف ضخم يدعم قضيتنا.
سنعلم أبناءنا أن الطريق إلى القدس ليس بالأحزمة الناسفة.. بل بالعلم والنزاهة والتقنية والتزام الكلمة لكي تحترمنا الأمم وتنصت الينا من جديد.
ولكي لا تنسى الأجيال المقبلة.. سننشد كل يوم:
سنرجع يومًا إلى حينا..
ونغرق في دافئات المنى
سنرجع مهما يمر الزمان وتنأى المسافات ما بيننا