أحلامٌ حبيسة وأسعار مخيفة

أحلامٌ حبيسة وأسعار مخيفة

تحيرنا كثيراً الأرقام الفلكية ، التي وصلت إليها أسعار الأراضي البيضاء في مدن المملكة المختلفة فما هو سبب هذا الغلاء غير المبرر ، هذا بائعٌ يرفض السعر المعقول ، وذاك مشترٍ عاجزٍ عن دفع المطلوب ، لاقتناءِ أرضٍ يبني عليها منزلاً يؤويه مع أسرته ، بعد معاناته من دفع الإيجار الذي أثقل كاهله وأنهك ميزانيته التي يتبدد معظمها مقابل ما يدفعه لسكنه المستأجر ، فضلاً عن ذعره من قرب موعد السداد ، فكلما استقطع من راتبه المحدود مبلغاً ، يرى ما تبقى لا يفي بشيءٍ من لوازم الحياة ، لهذا يظل يفكر تارةً ويتمنى تارةً أخرى أن يتخلص من هذا العبء الكبير ، ولكن الواقع يصدمه بأن أمله ما زال بعيد المنال وحلمه ما زال مستعصي التحقيق ، لأن تفسيره يتطلب في حالة اليقظة ما لا طاقة له به وهكذا تستمر معاناته ويبقى الحال على ما هو عليه فالسؤال الحائر الذي ينبغي أن يجد إجابةً هو : كيف نقنن أسعار الأراضي ؟ ولماذا لا يبيعها المالك أو يبنيها ؟ فالإجابة لا تحتاج إلى تفكير وتتمثل في أن هذا المالك يعلم أنه كلما مضى عامٌ على أرضه سيزيد سعرها ، الأمر الذي يغريه بتأجيل بيعها لعامٍ آخر ، وهذا يعني عنده المهارة والشطارة في إدارة أساليب التجارة المشروعة ، بينما يؤكد الواقع أنها ليست كذلك ، إنما هي إحدى أساليب الجشع ، بغرض الثراء على حساب الآخرين الذين يتطلعون إلى تلك السلعة العصية عليهم ، لهذا فالأمرُ أصبح محتاجاً لعلاجٍ ناجع وقرارٍ حاسم من الجهات المسؤولة عن تقنين هذه التجارة ووضع الضوابط المناسبة لها ، حيث أنها تفتقد الرقيب ولا يحكمها قانونٌ واضح ، فقد آن الأوان للبحث عن طريقةٍ لمجابهة هذا الغلاء ، وذلك لا يعني إجبار المالك على البيع أو إرغامه على ما يكره ولكن يرمي لترغيبه طواعيةً ، وذلك لا يتأتى إلا إذا تضمن القانون المقترح ضريبةً سنوية على كل أرضٍ بيضاء ، فلا شك أن هذه الخطوة تجعل المالك يفكر ألف مرة في بناء أرضه أو التخلص منها بالبيع ، وهذا ما يلاحظ في الأراضي الواقعة خارج نطاق العمران بالمملكة التي تراجعت أسعارها بنسبة 30% نظراً لركود السوق وعزوف المواطنين عن الشراء ، كما أن وزارة الداخلية لاحظت ما يحدث وما يقوم به هوامير العقار من عمليات تدوير للأراضي فيما بينهم عبر مبايعاتٍ وهمية ، ورفع قيمة أصولها بصورةٍ توحي للرأي العام أن سوق العقار لن يتأثر ، وحتى يتم إحباط هذا السلوك التحايلي طلبت الداخلية من وزارة العدل عدم إجراء مثل هذه المبايعات الوهمية ، كل هذا يعني أن الغلاء مفتعل ، فهذه الملاحظة التي كانت سبباً في انخفاض أسعار الأراضي البيضاء خارج النطاق العمراني ، نرجو أن تطال كثيراً من المواقع داخل المدن الرئيسية ، حتى لا يضر العمل في سوق العقار بمصالح المواطنين والمستثمرين من منطلق الوعي والتفاعل مع توجهات وزارة الإسكان الرامية لحل مشكلة السكن التي تعد هاجس الكثيرين ، وبما أن معظم الطلب على الأراضي يتركز في الرياض وجدة والدمام فالإحصائيات تؤكد أن 80% من المواطنين يرغبون السكن في تلك المدن . وبكشف تحايل بعض التجار وعزوف المشترين ، يؤكد الخبراء أن الانخفاض قادم ، ولكن الانخفاض الكبير الذي يتمناه المواطنون يحتاج إلى سنواتٍ ، لأن التجار الذين يحاربون فكرة نزول الأسعار ، ما زالت لديهم أفكارٌ ذكية يحاولون عن طريقها الحفاظ على السعر الذي يناسب وجشعهم ، وعلينا بالمثل أن نسن قوانين ذكية بفرض ضرائبٍ سنوية تفشل تلك الأفكار .

أخبار ذات صلة

«اسحب على الجامعة يا عم»!!
حكاية مسجد في حارتنا..!!
شر البلية ما يُضحك
أطفالنا والشاشات
;
الرد على مزاعم إسلام بحيري في برنامجه إسلام حر
السعودية ومرحلة الشراكة لا التبعية
جلسات علمية عن الخلايا الجذعية
الشقة من حق الزوجة
;
المزارات في المدينة المنوَّرة
خطورة المتعاطف المظلم!
خطورة المتعاطف المظلم!
لماذا يحتاج العالم.. دبلوماسية عامة جديدة؟!
أدب الرحلات.. والمؤلفات
;
كيف نقضي على أساليب خداع الجماهير؟!
المتقاعدون والبنوك!!
د. عبدالوهاب عزام.. إسهامات لا تُنسى
فلسفة الحياة.. توازن الثنائيات