وتعاونوا على البر والتقوى
تاريخ النشر: 26 أغسطس 2014 03:17 KSA
رغم فرحتنا وسعادتنا بما حدث من مداولاتٍ هامةٍ ، عملاً بقوله تعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) بمقر منظمة التعاون الإسلامي بجدة ، بخصوص غزة المحاصرة نشهد أن الاجتماع الاستثنائي الموسع ، على مستوى وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي ، جاء في الوقت الضروري ، بعد أن بلغ السيل الزُبى وفاض الكيل ، آملين أن ينقذ ما يمكن إنقاذه فقد استشرى العدوان الإسرائيلي وصار الإرهاب طابعه وحقيقته ، حيث ظل يواصل ممارساته غير الشرعية وانتهاكاته الواضحة للقانون الدولي الإنساني ، وقانون حقوق الإنسان ، متمادياً في غيه وتجبره ، لأنه أمن العقوبة ومن أمن العقوبة أساء الأدب ، وهكذا راح يمارس هوايته في تعذيب الفلسطينيين مستخدماً كل قوته في حربه الإبادية غير المتكافئة ، لا يأبه لأحد وهو يتمايل فخراً وطرباً بجرائم جيشه الغاشم وإنجازاته الإرهابية الدموية ، معتمداً على عجز المجتمع الدولي ، والمؤسسات ذات الصلة ، عن القيام بواجبها والاطلاع بدورها في مساءلة ومحاسبة إسرائيل وسلطة الاحتلال القائمة ، فهل يوقظ هذا الاجتماع الهام تلك المؤسسات من سباتها العميق وموقفها السلبي المشين ، فتنهض كقوةٍ مؤثرة لتدلي بدلوها مسهمةً بجديةٍ في إيقاف تلك المجزرة البشرية التي تقشعر منها الأبدان ، وتتصدى لمحاسبة هذا العدو الذي حرم الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه لتقرير مصيره ، عجباً لهذا الصمت المريب الذي ما عاد يشرف كل ذي ضميرٍ حي ، لذا نشعر بأن هذا الاجتماع ملأ نفوسنا أملاً بوجود مؤسساتٍ تعرف تماماً الدور الذي ينبغي أن تلعبه ، فقد سبق اجتماع المنظمة هذا انعقاد الجلسة الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة ، بمبادرةٍ جزائرية علا فيها صوت الأُمتين العربية والإسلامية ، بصورةٍ تبشرُ بخيرٍ أكيد وفجرٍ جديد إن شاء الله يدينُ إدانةً صريحةً العدوان الإسرائيلي ، ويساند بقوةٍ الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني من مؤسساتٍ لا تخشى في الحق لومة لائم ، فالكرة الآن في ملعب مجلس الأمن ، المُناط به حفظ السلم والأمن الدوليين ، والآن ينتظر العالم أجمع من مجلس الأمن اتخاذ التدابير اللازمة لوقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني ، وإلزام إسرائيل بضرورة احترام قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي ، فإما أن يقوم المجلس بدوره المفترض أن يلعبه على أكمل الوجوه ، وإما أن يثبت عدم قدرته وفاعليته وحينها نعلم أن وجوده وغيابه سيان .
يعلم الجميع أن الكيان الإسرائيلي هو ربيب أمريكا وفتاها المدلل ، الذي يجب دعمه إن ظَلَمَ، وأخْذ الحقِ له إن ظُلِمَ ، وهذا يتضح جلياً من رفض الولايات المتحدة للقرار الصادر من مجلس حقوق الإنسان ، والذي تنص بنوده على إرسال لجنة تحقيقٍ دولية مستقلة ، للتحقيق في انتهاكات القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية عموماً ، بالإضافة للقدس الشرقية وغزة على وجه الخصوص ، ومما يُؤسف له حقاً أن الدول الأوروبية امتنعت هي الأخرى عن دعم القرار ، فكل هذه التغطيات والمحاباة تشجع إسرائيل على تماديها في العدوان والإرهاب واستمرارها في انتهاكات القانون الدولي ، فلم تجدِ اجتماعات مؤسساتنا وحدها لإسكات سلاح عدوٍ مدعوم ومُؤيد ومسموح له أن يفعل ما يريد ، ومن الضروري أن تبدأ منظماتنا ومؤسساتنا بإشراك هؤلاء الداعمين فكم كان جميلاً أن يبدأ هذا الاجتماع الاستثنائي لمنظمة دول التعاون الإسلامي بإقناعهم في شفافيةٍ ووضوح تؤكد أن رفضهم لقرار إرسال المحققين يعني خوفهم على الكيان الإسرائيلي لعلمهم سلفاً بأنه مُدان وعليهم أيضاً أن يدركوا أن مساندة منتهك القانون يدخل هو الآخر في دائرة الاتهام ، فإن كانت المسألة في هذا التعاطف مع الكيان الإسرائيلي يحكمها تحالف مع إسرائيل ، فللعرب تحالفاتٌ مماثلة مع أمريكا ودول الغرب ، وبمساندتهم لتوصيات مؤتمراتنا واجتماعاتنا ومبادراتنا يمكن لإسرائيل أن تستجيب ، فتوقف إراقة دماء الأبرياء وحملات الاعتقالات التعسفية ، وإنهاء الحصار ، وفتح المعابر الحدودية ، وحماية حرية حركة الأشخاص والمواد والبضائع من غزة وإليها ، وأخيراً لا بد أن يثمن العالم الجهود المبذولة من الأمم المتحدة ومن مجلس منظمة دول التعاون الإسلامي ، نسأل الله أن يوفق الاجتماع الذي تم في جدة بتحقيق أهدافه فينعم أهل غزة بالأمن والأمان .