المتفوقون.. بين الدعم الرسمي والرعاية الاجتماعية

المتفوقون.. بين الدعم الرسمي والرعاية الاجتماعية
يُمثِّل المميزون عصب أي أمة تنشد التقدم، ويُعقد عليهم -بعد الله- الآمال العظام في قيادتها نحو منصات التقدم والسؤدد، وهذا ما تنبهت إليه الأمم الطامحة في صناعة مجدها التي تفاخر به مثيلاتها من الأمم، وتحافظ من خلاله على ثرواتها البشرية التي جعلت الاستثمار فيها في مقدمة استثماراتها؛ إيماناً منها بأنه الاستثمار الأمثل والمُقدَّم على كل الاستثمارات. وهذا ما دفع بالدولة إلى تبني استراتيجيات فعالة لرعاية الطلاب الموهوبين والمتفوقين وفقاً لأحدث الاتجاهات المعاصرة، بعد أن خفت هذا الاهتمام قرابة ربع قرن ضاع فيها من ضاع من الموهوبين، ودفعنا فاتورته غيابنا عن حضورنا الفاعل بالمحافل الدولية في السابق، ولكن بعد أن أخذت الرعاية طريقها السليم بدأ طلابنا وطالباتنا في إثبات وجودنا كأمة تتطلع لرسم خارطة طريق جديدة تستند على أن قدرات السعوديين تلامس هامات المجد، وتُعانق عباب السحاب متى ما أُعطوا الفرصة. ولكن الجميل بل المُذهل في هذا السياق هو توافر مسار يتكامل ولا يتقاطع مع الرعاية الرسمية، ألا وهي قيام بعض الواعين -من أبناء هذا الوطن المُخلصين له- بأهمية هذه الفئة التي هم جزء لا يتجزأ منها، فقاموا نتيجة إحساسهم الوطني، وشعورهم العميق بالدور المٌلقى على عواتقهم تجاه الوطن الذي منحهم كل شيء، ولم يطلب منهم أي شيء بإنشاء جوائز تقديرية وتشجيعية لأبناء قبيلتهم أو أسرهم الخاصة، في تلميح بأن الرعاية لا تتوقف عند عتبات المؤسسات الحكومية، بقدر ما هي مُتاحة لكل من تسوِّل له نفسه الأمَّارة بالخير بأن يُسجِّل اسمه بمداد من ذهب في سجلات المساهمة في عمل الخير الذي سيجني ثمرته عاجلاً بالثناء، وآجلاً بالأجر عند المولى -جلت قدرته-. ولعل أبرز من يُذكر في هذا المجال هو سعادة الأستاذ الدكتور: ساعد بن سعد العرابي الحارثي - استشاري القلب المشهور؛ فقد قام بتأسيس جائزة للمتفوقين من أبناء قبيلته مشاييخ المريفق؛ في بادرة نوعية عكست اهتمامه وولعه بالعلم أولاً، وحبه لوطنه الكبير متمثلاً في ولائه وانتمائه لقريته التي تعلم أبجديات الحياة في مرابعها البِكر، واستنشق فيها أولى جرعات أُكسجين التفوق، وانطلق من ثقافتها العريقة لمقارعة أعتى ثقافات الدنيا، وفي خضم هذا العمل الشاق والدؤوب في نفس الوقت لم يتخلَ الدكتور ساعد العرابي عن مسؤولياته الاجتماعية تجاه بيئته الأصلية، وعاد ليرد الجميل متمثلاً في جائزته السنوية التي نحتفل في هذا المساء الطائفي المُفعم بالوفاء بعامها الثامن، ليُسطر هذا الرجل قيمة أن الإنسان مهما علا ووصل إلى قمم المعالي فإن هذا لا يمنعه من القيام بواجباته الاجتماعية تجاه الأقربين، ليُعزز مجال التفوق -الذي هو رائده- في هذه القبيلة مع بقية المميزين من أبناء هذا الجزء الغالي على قلوبنا. إن جائزة الدكتور ساعد العرابي الحارثي تُمثل كرنفالاً سنوياً نحتفل بها وبفرسانها الذين رُشحوا بناءً على معايير علمية المنهج؛ فكان لهم تحقيق المُنى للظفر بهذه الجائزة التي كسبت الاحترام من المتابعين لها نتيجة نزاهتها ومصداقية توجهها الذي بُني على الموضوعية في الاختيار، والعطاء غير المشروط، فكان لها هذا الحضور الطاغي بين ربيباتها من الجوائز، وما المشاركة الشعبية من جميع أفراد وأعيان القبيلة إلا شاهد إثبات على علو كعب هذه الجائزة التي أضحت مثالاً يُحتذى في الفكرة والتنظيم والتقدير المادي الممنوح من راعيها. @dmohammadalthob zaer21@gmail.com

أخبار ذات صلة

«اسحب على الجامعة يا عم»!!
حكاية مسجد في حارتنا..!!
شر البلية ما يُضحك
أطفالنا والشاشات
;
الرد على مزاعم إسلام بحيري في برنامجه إسلام حر
السعودية ومرحلة الشراكة لا التبعية
جلسات علمية عن الخلايا الجذعية
الشقة من حق الزوجة
;
المزارات في المدينة المنوَّرة
خطورة المتعاطف المظلم!
خطورة المتعاطف المظلم!
لماذا يحتاج العالم.. دبلوماسية عامة جديدة؟!
أدب الرحلات.. والمؤلفات
;
كيف نقضي على أساليب خداع الجماهير؟!
المتقاعدون والبنوك!!
د. عبدالوهاب عزام.. إسهامات لا تُنسى
فلسفة الحياة.. توازن الثنائيات