صحة المجتمع وعافية الاقتصاد

صحة المجتمع وعافية الاقتصاد

من يتمعن في المجتمعات المتقدمة اقتصادياً لابد أن يلمح تميز مجتمعاتها بدرجة عالية من الانصهار والاندماج الوطني مقارنة بالمجتمعات المتخلفة اقتصادياً وثقافياً والاندماج الاجتماعي يسهل الربط بين أفراده وبينه ونجاح الخطط التنموية ولكن الانصهار الذي حدث في المجتمعات المتقدمة لم يتم بين عشية وضحايا لأنه عملية مستمرة ولكن أهم منافعه أن صحة المجتمع النفسية تجسد عافية الاقتصاد إذ إن المجتمع الذي لا يعاني اضطرابات مجتمعية أو تحيزات عرقية أو إثنية أقرب إلى الاستقرار ولتحقيق النجاح الاقتصادي والتنمية المستدامة والعكس صحيح ولهذا يصح الاستنتاج بأنه لا يوجد مجتمع مندمج يعاني تباينات وتمايزات حادة بينما المجتمعات المتنافرة لا تنجح خططها بسبب التباينات مما يجعل النتيجة سيادة الفقر الحاد والبطالة والتمايز في الدخل الاقتصادي وحتى حين تتوفر درجة من الرفاه الاجتماعي الطبقي تصبح مبرراً للحقد والأمراض النفسية. ولذلك تميل معظم المجتمعات لتعزيز آليات الاندماج والانصهار الوطني والحد من التباين الاقتصادي عبر تنويع وظائف مؤسسات الدولة من تعليم ومؤسسات ثقافية وغيرها لتؤدي أدواراً تتجسد نفعاً وصحة نفسية تقوي أواصر النسيج الاجتماعي على المستوى الوطني. وجود التمايزات والفوارق الحادة في أي مجتمع من الأمور السلبية التي تؤثر فى صحة المجتمع النفسية، إذ يقود التباين الطبقي والاقتصادي لصراع سالب بين الفئات الاجتماعية ولمشاكل نفسية تغذيها روح الغل والحقد وقد تترجم سلوكاً ضاراً وظواهر اجتماعية مرضية ،من هنا كان التوجيه القرآني بتنمية روح التكافل والتعاضد والرحمة وتشجيع التعاون والتعارف بل إن القرآن الكريم أعلى من شأن هذه المعاني وربطها بالحكمة من وجود الناس على الأرض وقال إن اختلاف العرق واللسان والألوان حكمة ربانية وأن اختلاف تنوع بالمفهوم القرآني أداة للتعارف وليس للتنافر، لأن المجتمع المتنوع سيكون أكثر ثراء واستقراراً من الذي يعاني من نقص في استيعاب تنوعه ويحول التنوع لأدواء تنتج التفرقة العرقية والاثنية والقبلية فالقرآن يقول إن التطابق بين بني الإنسان يكاد يكون مستحيلا بينما التوافق من الأساسيات الإنسانية ولهذا من المهم والحال كذلك السعي لتحقيق درجة من الصحة النفسية للمجتمع بالحد من محركات التفرقة ومنعها من أن تنعكس مشاكل نفسية تحد من فعالية المجتمع ومن سعيه للخير والاستقرار والرفاه الاقتصادي. وللأمر أبعاد لا نراها ولكن الفرد الذي لا يشعر بأنه جزء من كل وأنه لا أهمية له في مجتمعه يصبح مهيأ للأمراض النفسية والمجتمع بحاجة لأفراده ولعطائهم. مراكز الأحياء فكرة رائعة وأداة ناجحة تقوم بهذا الدور الحيوي وخاصة في مجالات الصحة النفسية للمجتمع ومع ذلك قلما تنبه لها الناس ولكني أجدها تستحق تسليط الضوء وإبراز أهميتها فهي تقوم بدور وظيفي مهم لمجتمع الحي وفي ذلك ترجمة للمعاني الإسلامية من حيث الاهتمام بالجار الجنب وبالأسر المتساكنة في الحي وتحقيق التعارف بينها ومع بعضها البعض ويمتد النفع لأطفال الحي بتنمية روح الألفة في أعمار مبكرة وتنمية مواهبهم في مجالات الابتكار والفن والشعر والإلقاء وتعزيز الشجاعة الأدبية وهذه تمتن الصحة النفسية بالحد من الخجل وضعف الشخصية لدى الأطفال كما تحد هذه الأنشطة من التمايزات والحواجز الوهمية بين الأسر سواء كانت حواجز اقتصادية أو عرقية أو قبلية ويتسع دور مراكز الأحياء لدوائر تنمي روح التعاون برعاية المساكين بالحي وزيارة كبار السن وتسوية الخلافات الأسرية والزوجية وتنشط المرأة في مراكز الأحياء بتوظيف خبراتها الأكاديمية والمهنية التي تعكس ثراء وتنوعاً لأن المرأة في الحي تضم أعراق أهل الحي وهي حتما أعراق من جنسيات مختلفة في أغلب الأحيان. وهذه الخبرات استوعبتها مراكز الأحياء في إطار العمل الطوعي ولذلك يجد المرء أن لمراكز الأحياء أدواراً اجتماعية صحية ونفسية تتميز بخصوصية أسرية أقرب لروح الإسلام ومقاصده السمحة. وأنها تتسع لتغطي مدارس البنات بإقامة الندوات التوعوية والتدريب على الحياة الزوجية وتقديم النصح وتشجيع روح الألفة والمحبة والتواصل بين الجيران وهذه معانٍ في أهمية تمكين التعارف بين أفراد المجتمع .

أخبار ذات صلة

القرآن الكريم ورونالدو..!!
أكبر مشروع للثروة الحيوانيَّة بالشرق الأوسط
الصحافة الورقية
سوريا «العربية» والدبلوماسية «السعودية»
;
العرب بين 1916 و2024.. مكانك سر!
حكايتي مع الإِدمان
مُد يدك للمصافحة الذهبية
السعودية.. الريادة والدعم لسوريا وشعبها
;
المتيحيون الجدد!
المديرون.. أنواع وأشكال
أين برنامج (وظيفتك وبعثتك) من التطبيق؟!
علي بن خضران.. يد ثقافية سَلفتْ!
;
من يدير دفة الدبلوماسية العامة الأمريكية؟!
الرياض.. بيت العرب
جميل الحجيلان.. قصص ملهمة في أروقة الدبلوماسية
الجزيـــــــرة