لكيلا تتشوّش الرُّؤى
تاريخ النشر: 26 أكتوبر 2014 02:26 KSA
عندما يكون الاقتصاد في فترة كساد؛ يكون الاهتمام بالأساسيات، وتُقدم الأولويات، وتؤجل الكماليات للفترات المزدهرة القادمة. يحدث هذا للدول كما يحدث للأفراد. أما في فترة الازدهار فيزداد اقتناء كل شيء حُرم منه، أو رغب فيه ولم يقدر من قبل عليه، أو خطط له فنقصته المادة؛ فيضيّع في فترتها بذلك نقوده إسرافاً واستهلاكاً!
مقال الأسبوع الماضي كان قراءة اقتصادية استشرافية للمستقبل القريب، في ضوء المعطيات والمؤشرات الاقتصادية الحاضرة. غير أن الناس عموماً لا تحب الصور المستقبلية عديمة الازدهار! ولا شك أن في التفاؤل خيراً كثيراً. ولكن الاقتصاد والرياضيات والعلوم التطبيقية، للأسف، لا تعنى بالعواطف. وهي سيئة في الخيال المحلق بالأحلام الوردية.
المشكلة الحقيقية عندنا، أننا كثيراً ما نحصر تفسيراتنا لنعلقهاعلى مشاجب المؤامرة أو السياسة أو العوامل الأخرى غير الاقتصادية لنفسر بـها الاقتصاد. وهذا شيء غير منطقي لأنه يخالف منهج تفسير الأشياء بعواملها وأجزائها. فالحساب يفسر بالرياضيات وقوانينها، والفقه يفسر بالدين والشرع ومكوناته، والكيمياء بتفاعلاتها وقوانينها وجزيئياتها وذراتها. فهل يجوز مثلاً تفسير تفاعل كيميائي بعلوم الدين؟
ما من شك في أن هناك مؤثرات أخرى على الاقتصاد، من بينها المؤامرات وتداعيات السياسة وغيرها مما لا يمت للاقتصاد بصلة، ولكن كل تلك المؤثرات لا يجب أن ينظر إليها إلا بعد استنفاد جميع المعطيات والمؤثرات الاقتصادية أولاً. أما الذين يفسرون الاقتصاد بالعوامل الأخرى فقط أولاً، فسيضلون الطريق ولن يصلوا إلى تفسير علمي ومنطقي.
كثير من المجتمعات النامية متناقضة وانتقائية. وحتى لا تتشوش رؤيتها فعليها انتهاج الأسلوب العلمي والمنطقي في تفسيراتها وسلوكياتها. وهذا أمر يحتاج إلى كثير من الصبر والإقناع.
m.mashat@gmail.com
Twitter: @mamashat