داعش بين مطرقة الضربات وسندان الاتصالات
تاريخ النشر: 02 نوفمبر 2014 01:56 KSA
لا بد أن يعترف العالم المسالم أن مكافحة تنظيم داعش ليست سهلة ، فقد أمن لمسيرته أسباب البقاء والاستمرار ، والتي تتمثل في مصادر الدعم المالي ، وتدفق الأجانب المنضوين مجدداً تحت لوائه والمنضمين لصفوفه ، وبما أن تلك الأسباب تعتبر أهم شرايين حياة التنظيم ، فلا بد من إيجاد طريقةٍ ناجعة لقطعها ، حيث ظلت تضخ دماء الحياة في جسد التنظيم ، لهذا وجب إغلاق الأبواب التي تدعمه مالياً والقضاء على أي مورد تمويل ، ومنع تهريب النفط وإيقاف تهافت الراغبين في الانضمام للتنظيم ، وحتى يتم كل ذلك أدرك التحالف الدولي أن الجهد العسكري والغارات التي تُشن لا تكفي ، رغم فعاليتها وضرباتها الموجعة ، لذا يلزمها دعم المحاربة الإعلامية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، فمن الضروري جداً أن يتقدم التحالف على التنظيم في الشبكة العنكبوتية ، بإسهام علماء المسلمين لفضح التوجه الداعشي وكشف سياسته العنيفة التي لا صلة لها بالإسلام كما يدعون ، بعد تفنيد العلماء وإنكارهم لشرعية الرسائل المضللة ، التي تؤثر في نفوس الشباب الضعيف الذي يسهُل قياده وجره إلى مستنقع الفكر الضال ، فلما كانت الحرب الإعلامية تمثل أهم كتائب النزال وأمضى أسلحة القتال ، قام مؤتمر الاتصالات لأعضاء التحالف بالكويت ، والذي يرمي لتسخير جانب التواصل الاجتماعي بالمكافحة ، وتعزيز العمل المشترك في ساحة القتال بالعمل في مجال الفضاء الالكتروني كرافدٍ جديد سيصيب أفكار وأيدلوجية هذا العدو في مقتل ، علماً بأن المؤتمرالذي استضافته دولة الكويت الشقيقة ، يضُم 14 دولة هي : الأردن ولبنان ومصر وتركيا والعراق وفرنسا وبريطانيا وأمريكا بالإضافة إلى دول مجلس التعاون ، وبما أن مجال الفضاء الإلكتروني هو أهم أسلحة داعش التي سخرها لبث رسائله الضالة ، فقد قابل علماؤنا ذلك التوجه الضال بتصدي أكثر من 120 عالماً من علماء الدين بتضمين وسائل التواصل الاجتماعي رسائل قوية إلى أبي بكر البغدادي وبقية أتباع النظام من المحاربين ، وقد تضمنت تلك الرسائل فضحاً لأفكار النظام المتطرف ، ونفت ما ينسبه التنظيم للإسلام ، كما شجبت وأدانت سياسة العنف التي يستخدمها الداعشيون ، علماً بأنها لا تمت بصلةٍ لإسلام المحبة والتسامح والسلام ، هذا وما زال الباب مفتوحاً لكل شخصٍ مؤثر وقادر على المشاركة الإلكترونية لتعرية تنظيم الدولة الإسلامية المزعومة ، من خلال هذه المكافحة الإعلامية الفكرية واستخدام آلياتها الشاملة ووسائطها المختلفة ، وبذلك يمكن القضاء بمشيئة الله في النهاية على هذا التنظيم المتطرف ، الذي ما زال يشعر بالعافية وهو يتحدى أعضاء التحالف ، فمن المهم أن تتسم ردود الفعل بالحكمة والمرونة .
وعليه يبقى نجاح مؤتمر الاتصالات مرتبطاً بضرورة التوصل إلى اتفاق ، والالتقاء على نقاطٍ مشتركة بين الدول المشاركة ، حول طرق العمل في مجال الفضاء الالكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي وتسخيرها للمكافحة بالسيطرة على أفكار التنظيم وأيدلوجيته ، ولما كانت المرونة لازمة لإنجاح تلك المساعي الجادة أكد المؤتمر أن إيران تُعتبر لاعباً أساسياً في المنطقة ، ونظراً للمصالح المشتركة وأهمية التعاون لهزيمة داعش ، تم الترحيب بكل الأطراف الراغبة في الإسهام في هذا العمل الكبير للقضاء على ذلك الوباء الذي يُسمى داعش ، لقد دارت فعاليات المؤتمر في أجواء ملائمة هيأتها الحكومة الكويتية التي استضافت الحدث الهام ، وقد تأكد نجاح تلك الفعاليات وفق التصريح الصادر من مركز الاتصالات الاستراتيجي لمكافحة الإرهاب ، كما اتفق الحضور على الالتزام بمواصلة إرسال رسائل قوية وموحدة ضد التنظيم ، فمحاربة كل عدوٍ يلزمها تخطيطٌ مسبق بعد قراءة أفكاره ومعرفة استراتيجيته التي ينطلق منها ، وبهذا تسهل هزيمته والقضاء عليه تماماً ، وهذا ما يجعلنا نطمئن إلى أن هذا المؤتمر توصل إلى مجرى الهواء الذي يتنفس منه تنظيم داعش إعلامياً وفكرياً وأصبح بالإمكان إيقافه ، كخطوةٍ هامة لبلوغ الغاية المنشودة والنصر القريب المؤزر بإذن الله ، وإننا نتوقع الآن نزول مطرقة الضربات على سندان الاتصالات لسحق داعش .