هيئة الغذاء بين النظرية والتطبيق

هيئة الغذاء بين النظرية والتطبيق
لا شك أن لهيئة الغذاء والدواء دورا لا ينكر في الاهتمام بجودة وسلامة المنتجات ومأمونيتها للاستهلاك، ومثل سائر المؤسسات الحكومية لديها خبراء يقدمون النصح في مجالات عملها ويستهدفون مقاصد نبيلة وأهمها الإسهام في صيانة صحة المجتمع، ولا جدال أن القطاع الخاص يشارك الهيئة اهتمامها بالصحة مثلما يشاطرها الالتزام بالمعايير العالمية للجودة إن لم يكن لأي سبب فلأن من مصلحة القطاع أن تكون منتجاته مرتبطة بالجودة في ذهن المستهلك، فضلا أن للقطاع خبرات عملية ساعدته على كسب رضا العميل، وينبغي استصحاب ذلك في أي توجهات لسنّ أنظمة جديدة ولو بتمكين القطاع الخاص من إبداء الرأي وإن خالف موقف الهيئة، فوحدة المقصد تجمع وتجعل الاختلاف وسيلة إبداعية لبلوغ الهدف المشترك وهو حماية الصحة العامة. في تعميمها رقم 30761/ع القاضي بوضع غلاف حماية إلزامي على منتجات التجميل أحاطت هيئة الغذاء الجمارك السعودية علماً بالتأكد من وضع غلاف الحماية على منتجات العناية الشخصية من الصابون والكريمات بأنواعها والشامبوهات باختلافها. ورغم أهمية التعميم، إلا أنه أغفل تجارب سابقة كلفت مستثمرين حريصين على سمعة علاماتهم ومنتجاتهم. ويغفل دور الغرف التجارية ربما بغير قصد ولكن بتلك الخطوة أكد اعتماد التنظير الأكاديمي الذي يفصل عن واقع قطاع مستحضرات التجميل الذي يسهم في الاقتصاد الوطني بما يتجاوز خمسة مليارات ريال ويضم 179 مصنعا ويصدّر ما يتجاوز 1.5 مليار ريال فضلا أن الإجراء يكرر أضرارا حدثت بالتسعينيات ومن واقع تجربة شخصية تم الالتزام بذلك القرار بوضع غطاء على المنتجات ولكن اتضح أن المستهلك يفتحه ولتفادي الضرر من فتح الغطاء ربطت (عينة مجانية) بالرّف للتعريف بكل منتج ولكن ظل المستهلك يأخذ العينة المجانية باعتبارها (هدية) وحين تستبدل بعينات أخرى مع التحذير يأتي من يفضّ المغلف بافتراض أن رائحته مختلفة عن العينة حينها لم يتفاجأ التجار بثقافة المستهلك أو بطريقته في التأكد من رائحة المنتج ولكن ترتبت أضرار اقتصادية هائلة أغلقت محلات وفضل البعض الخروج من السوق، ولهذا أي تعميم جديد إذا لم يأخذ في الحسبان الآثار السلبية وما حدث في التسعينيات فإن ثقافة المستهلك لم تتغير منذئذ وسيمارس هوايته في (الشّم) وفي التأكد من (رائحة) المنتج بتشويهه وإتلافه، وفي ذلك تكرار وهدر للطاقات، فضلا عن تلويث البيئة باستعمال المزيد من المواد البلاستيكية. وبعيداً عن أي سجال لا يضيف قيمة، التعاون بين الغرف التجارية والهيئة ضروري للاستفادة من الخبرات المتراكمة لتسهم في الحلول وتحقيق الأهداف، ويفضل اتباع أسلوب التحفيز بمنح القطاع جوائز إن هو ابتكر حلولا تطبيقية ولو بالاتفاق على الهدف العام وترك هامش لابتداع وسائله ضمن معايير محددة وبتفكير من خارج الصندوق. لأن التفكير نيابة عن القطاع لا يعكس (وصاية) سلبية تحدّ من التفكير الابداعي فحسب بل تقتله، وتظل الحقيقة أن أفضل وسيلة لحماية للمستهلك هي تعزيز وعيه، لأن أساليب التخويف بالأنظمة ليست من ثقافة العمل التجاري بالمملكة، ولم تنجح في أنحاء العالم وقد لا تنجح إلا بقدر ما تنجح مطاردة الأشباح وهي كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا.

أخبار ذات صلة

القرآن الكريم ورونالدو..!!
أكبر مشروع للثروة الحيوانيَّة بالشرق الأوسط
الصحافة الورقية
سوريا «العربية» والدبلوماسية «السعودية»
;
العرب بين 1916 و2024.. مكانك سر!
حكايتي مع الإِدمان
مُد يدك للمصافحة الذهبية
السعودية.. الريادة والدعم لسوريا وشعبها
;
المتيحيون الجدد!
المديرون.. أنواع وأشكال
أين برنامج (وظيفتك وبعثتك) من التطبيق؟!
علي بن خضران.. يد ثقافية سَلفتْ!
;
من يدير دفة الدبلوماسية العامة الأمريكية؟!
الرياض.. بيت العرب
جميل الحجيلان.. قصص ملهمة في أروقة الدبلوماسية
الجزيـــــــرة