التصوير لتوثيق إعانة الفقراء

التصوير لتوثيق إعانة الفقراء
من عبارات نيلسون مانديلا «ليس حرًا من يُهان أمامه إنسان ولا يشعر بإهانة» تذكرت ذلك حين قرأت في إحدى الصحف أن وزارة الشؤون الاجتماعية ستلاحق العاملين في الجمعيات أو المؤسسات الخيرية الذين يستخدمون التصوير لتوثيق الإعانات المالية والعينية الموزعة على الفقراء، إثر تداول صورة وثقت شخصًا وهو يسلم امرأة مسنة وابنها (مريضين نفسيا) إعانة مالية من فاعل خير بعد ما سببه انتشار المقطع عبر وسائل التواصل من أذى لهما. الإعانة حق للمحتاج سواء أكانت مالية أو عينية أو طبية وتوظيفها إعلاميًا وصولًا إلى الشهرة تصرف غير أخلاقي، ولا يليق بكرامة الإنسان، وإن كانت هناك حاجة لإثبات ذلك إبراء للذمة أو مستندًا يقدم للجهة فيكون ذلك بالتوقيع وإن وجدت حاجة للتصوير فتحفظ الصورة في الملفات ولا تفضح العائلة وتحطم كرامتها، فالكرامة حق للإنسان لا تسقطه الحاجة. أين هؤلاء -إنسانيًا- من الحديث الشريف في السبعة الذين يظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله ومنهم «رجل لا تعرف شماله ما أنفقت يمينه» هذا في الصدقة بعامة فكيف إذا كان إشهار الصدقة فيه كسر لمعنوية الفقير، والأشد منه أن يكون في ذلك أذى نفسي له، وبئس الشهرة الإعلامية التي تأتي من إهدار كرامة إنسان. قد يُقال إن ذلك لتشجيع الناس على البذل، غير أن ذلك لا يكون في الصدقات للذين لا يسألون الناس إلحافًا أو الفقراء المتعففين الذين يهون عليهم الجوع والعري وفقد السكن ولا يهون عليهم أن تجرح كرامتهم، وإنما إعلان الصدقات في المشروعات العامة ذات النفع العام كإقامة المستشفيات والمدارس والمساكن، ولعل ذلك هو مدلول قول الله تعالى: (إن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ) البقرة/ 271، وفي ذلك تكون الأسوة الحسنة وتكون الأوقاف. جمع رئيس عربي سابق معاقين من عدة محافظات ليظهر معهم في الصورة وهو يلاطفهم ويجمع لهم أموالًا لمساعدتهم، وبئس ذلك الإعلام والأضواء التي تأتي من إهدار كرامة الإنسان من أجل ظهور بشر مثلهم بأنه فيه إنسانية وحدب على ذوي الحاجات. نشر صور الفقراء بأي شكل كان انتهاك لكرامة الإنسان، وإعطاؤه صدقات بهذه الصورة من الصدقات التي يتبعها أذى، وفقر الأخلاق مثل فقر المال، غير أن فقير المال لديه كرامة هي عنده أغلى من المال، والأضواء الإعلامية للمتصدق هي نار تحرق كرامة الفقير، وشتان بين إطفاء نار الجوع وإشعال الأسى في النفوس المحتاجة.

أخبار ذات صلة

سجن الآباء لإنقاذ الأبناء!
رياضة في حضرة الذُباب..!!
محافظ الطائف وجائزة (مُلهم) للتميز التعليمي
التقويم عمل بشري وليس كتابًا سماويًا (2)
;
هوس الملابس
«الأيض السلبي» وعلاقته بالأمراض والسرطان!!
«زيدان» لم يُفرِّق بين كتابة القرآن.. وجمعه ونسخه
الأدب.. والعلم التجريبي
;
الكيس مليان.. ما هو بفرغان!
ثرثرة على السطر
مخالفة أنظمة الحج.. إلى متى؟!
جدة.. سياحة في قلب الصيف!
;
سنوات (شوقي) في المنفى!
تفاعل كاذب!
ترند مرحلي.. وخسارة دائمة
شيءٌ من الثقافة المصرية