مقومات الوحدة الوطنية
تاريخ النشر: 16 أبريل 2015 01:15 KSA
إن أهم ما يحمي الوطن حين تحيط به الأخطار ويواجه التحديات، كما هو الحال في أيامنا هذه، هو حماية وحدتنا الوطنية، التي تجعلنا صفًا واحدًا في مواجهة أي عدوان أو خطر، فالأوطان التي انهارت سريعًا بعد الأحداث التي اجتاحت عدة أقطار كان أول ما خطط المخططون لانهيارها هي محاولة أن يشقوا صف مواطنيها، فظن بعضهم أن معاونة المخططين لإنجاز خطتهم في مصلحة أوطانهم، وأنهم صادقون فيم يقولون لنشر الديمقراطية والحرية والمساواة، وبعضهم من هواة الغِنَى، حال الحروب كانوا عملاء لمن أراد هدم أوطانهم، والذين ظنوا أن فيه غِنَى لهم، وما علم الأغبياء أن الوطن إذا ضاع فلا قيمة للمال، وفي حال الفوضى يستلب هذا المال منهم قبل أن يستمتعوا به، وأما الجماعات التي تطرّفت، وإن أسمت نفسها إسلامية، فهي أكبر التحدي الذي يواجه منطقتنا ويجب مواجهته بالحزم الشديد، فالحرب اليوم في أوطاننا العربية حرب وجود، لذا فعلينا أن نحافظ على وحدتنا الوطنية بالمحافظة على مقوماتها. وهي أن نكون مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، لا نسمح لعنصرية من أي نوع أن تُفرِّقنا، وننبذ الإقليمية حتى لا يكون بيننا ما يوجب أن يتعالى بعضنا على بعض، وألا نجعل للطائفية محل لخطابنا، وأن يكون دعاتنا وخطباء مساجدنا يدعون لكل ما يجمع صفنا، لا لما يؤسس لفرقة بيننا تنشر بغضاء وكراهية باسم الدين، ونحن ولاشك قادرون على أن نحتوي بعضنا، وأن نتعايش بسلام، لأن هذا كله في مصلحتنا، ويدفع عنا الأذى الذي يتسرب إلينا من خلال دعواتٍ سامة تريد أن تجهض هذه الوحدة الوطنية، التي عشنا في ظلالها عشرات السنين، وساهم العقلاء منّا في تأكيدها، وكانوا صُنّاع لكل معنى جميل يجمعنا، دون الالتفات إلى دعواتٍ عصبية يحملها أفراد هنا أو هناك، وعلى الجميع التعاون، فهو مبدأ الدين والعقل، أليس ربنا يقول: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ)، ويدعونا للتسامح فيما بيننا، فلا يتعالى أحد منّا على الآخر، لا بسبب جنس ولا نسب أو عرق أو لون، فيقول عز وجل: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، فالتفاضل بيننا بعملٍ صالح دينًا ودنيا، بعيدًا عن عصبية منتنة تفرّقنا، ولعلنا ندرك هذا، فما أحوجنا إليه الآن، وهو ما أرجو، والله ولي التوفيق.