وزارة برؤية جديدة
تاريخ النشر: 19 أبريل 2015 00:19 KSA
أكاد أجزم بأن وزارة الصحة هي أكثر جهة حكومية أكلت أبناءها، على جميع المستويات الإدارية. وذلك لعدة أسباب منها: أنـها تتعامل مع عدد ضخم من المستفيدين من خدماتها، وأن هيكلها الإداري ضخم ومتفرع الأجهزة والوحدات الإدارية، وأنها تؤدي خدمة تصل في أهميتها حدّ التعرض للموت أو إنقاذ الحياة، وأن جهازها الإنساني شديد التخصص، وأن التطورات الطبية متسارعة، وكذلك نوعيات الأجهزة المستخدمة، بالإضافة إلى الأساليب التقانية العلاجية المتعددة. ويكفي هذا للدلالة على مدى التعقيد الإداري والتقاني والتخصصي.
الخدمات العلاجية العامة التي تقدمها هذه الوزارة لأبناء الوطن لم تبلغ مستوى التطلعات أو القبول المطلوب، لا على مستوى المواطن (المريض)، ولا على مستوى مقدم الخدمة (الوزارة)، ولا على مستوى القيادة (ولاة الأمر)؛ وذلك برغم الميزانيات الكبيرة والمرافق الطبية العديدة وآلاف الأطباء والمختصين والممرضين والمختبرات والأجهزة والمعدات. أما الاستثناء فيعد على الأصابع في المشافي التي هي تخصصية أو تتبع جهات خاصة بمنسوبيها.
المشكلة التي يواجهها هذا القطاع المهم للوصول إلى مستوى طبي راقٍ، ليس بزيادة موازناتها، ولا بزيادة كوادرها، ولا بزيادة معداتها وأجهزتها الفنية؛ وإنما بإعادة هيكلتها وتحديث رؤيتها المتشكلة في 'تقديم (الخدمة) الطبية للمواطن والمقيم' لتتجدد برؤية 'تقديم (العناية) الطبية الراقية لكل إنسان'. لا يتأتى ذلك إلا بالاجتهاد لتقديم النوعية الراقية السريعة لطالبها. ولتحقيق ذلك لا بد من تغيير تفكير مقدم الخدمة. وهل يستطيع أن يقدمها على هذا المستوى المأمول بالوضع الحالي؟ أعتقد أن الغالبية العظمى من الناس ستصل إلى أنه لن يستطيع، بما في ذلك منسوبو وزارة الصحة.
إن الاختراق برؤية سامية واضحة جديدة، وإعادة هيكلة الوزارة إداريًا وفكريًا سوف يقودان حتمًا إلى ما توصلت إليه دول كثيرة قبلنا في مجال تقديم 'العناية الطبية الراقية' لكل إنسان، سواءٌ كان مواطنًا أم مقيمًا أم زائرًا؛ كما هو في الدول الإسكندنافية وبعض البلدان الأوروبية وبلدان أخرى في العالم.