هياكل بلا صلاحيات
تاريخ النشر: 24 مايو 2015 02:08 KSA
تغيير الهياكل التنظيمية للإدارات الحكومية وحتى المؤسسات الخاصة، من أصعب ما يمكن، نظراً للإتيان بالجديد غير المألوف، وإن كانت المؤسسات والشركات الخاصة أقل مقاومة، وأسرع قبولاً للتغيير، إلا أن كثيرين يجدون صعوبة في القبول والتأقلم.
لذا فلن أتحدث هنا عن نوعيات أخرى للهياكل التنظيمية الإدارية غير المألوفة عندنا مثل التي قد يكون فيها الرئيس التنفيذي للمؤسسة عضوًا في فريق عمل يكون رئيسه موظف صغير بالمؤسسة، هذه الكيفية الصادمة عندنا، هي إحدى صور الإدارة المطبقة في عوالم إدارية أخرى غير عالمنا العربي الذي يموت ويحيا على الهيكل التنظيمي المركزي.
وليس هناك من عيب في تطبيق المركزية في الأجهزة الحكومية أو الشركات والمؤسسات الخاصة حيث إنها تطبق في معظم المؤسسات والدول، ولكنها عندنا من أكبر معوقاتنا الإدارية. ومع أنها تسلسل هرمي واضح ومفهوم ومقبول من جميع المسكّنين عليه، والمتعاملين معه، والناظرين إليه؛ إلا أنه بشكله الحالي الممارس هو جهاز يعطل المصالح، ولا يشجع الإبداع، ويربي في زواياه المتعددة البيروقراطية، والسبب في الغالب هو عدم تحديد المسؤوليات عند كل مستوى من المستويات الإدارية، وعدم منحها الصلاحيات الكافية، من أجل ذلك ترجع أمور كثيرة إلى المسؤول الأول بالجهاز لحلها والبت فيها، مع أنه كان بالإمكان البت فيها من مستويات إدارية أقل كثيرًا من مستواه الإداري.
لننظر مثلاً إلى اضطرار وزير التعليم للبت في موضوع حضور مؤتمر لأحد منسوبي جامعة، مع أن الجامعات ومديريها كان من الأولى منحهم صلاحية الاستقلال بما يخص جامعاتهم إداريًا وماليًا، والبت فيها في أطرٍ تتبع سياسات وزارة التعليم. ومثال آخر كما في أمانات المدن الكبيرى التي ترفع إليها معظم المعاملات مع وجود بلديات فرعية لها، فتقوم هذه بما يشبه دور ساعي البريد الذي يوصل معاملات الناس للأمين، فموضوع بسيط لمواطن لا يستغرق حلّه أكثر من التوقيع، يتصاعد إلى أعلى المستويات في رحلة قد تستغرق أسابيع كثيرة ذهابًا وإيابًا لتتم الموافقة عليه.
الأجهزة الحكومية وهياكلها وهياكل المؤسسات العامة والخاصة المركزية ما هي إلا مسارات منطقية مفهومة لدى المواطن ولدى المسؤول، ولكنها قد تصبح من المعوقات الكبيرة التي تؤدي إلى تعطيل المصالح، وتثقل الجهاز والمسؤول والمواطن، وتدعم البيروقراطية، وتصبح بؤرًا للفساد في بعض الأجهزة؛ إذا لم يتم تحديد المسؤوليات لرؤساء الإدارات ولم يتم منحهم الصلاحيات اللازمة للبت، وعدم الرفع للمستويات العليا إلا للأمور الشاذة النادرة.