الإحصاء وسيلة علمية.. لا مجرد أوهام
تاريخ النشر: 11 يونيو 2015 01:50 KSA
نحن -ولا شك- بلد ينمو ويتطلّع لمستقبل أفضل، ومن الوسائل التي تعين على وضع الخطط للنهوض بهذا الوطن هو الإحصاء بأفضل الطرائق المعمول بها اليوم عالميًّا، ولكن لدينا كثير من الناس يظنون أن الإحصاء مجرد توقعات، لا تجدي نفعًا لمتخذي القرار، أو هو تقديرات فقط للظواهر من أي نوع تظهر في مجتمعنا، فإذا كان التدخين ظاهرة -ولا شك- في مجتمعنا لا تخطئها العين، فأنت تسير في الشوارع، أو تتجوّل في الأسواق فتلاحظها، ولكن أن تقول إن هذا العدد من السكان هم المدخنون، فهذا يحتاج إلى إحصاء علمي دقيق، لا مجرد تقدير، إمّا عبر المستورد من الأدخنة إلى البلاد، أو عبر مرضى يتردّدون على عيادات التدخين، فأمّا إذا أردت أن تعرف عدد المدخنات من النساء، فالأمر أشد صعوبة، فلن يدّعي أحد أنه أجرى استفتاءً دقيقًا وظهر له منه بشكل دقيق أنهنّ مليون ونصف مليون امرأة، كما يردد البعض، وتنشره بعض الصحف دون أن تتأكّد أن ما تقوله مبني على إحصاء دقيق أجري بأسلوب علمي، أم هو مجرد قول لا يستند على إحصاء أصلاً، قدّرها غير مسؤول رأى امرأة هنا أو هناك تدخن، كذلك مَن يعلن أن مدخنات النساء للشيشة أكثر من مدخنيها الرجال، وتقرأ في الصحف من هذا اللون من الإحصاءات التي تطالعنا بها الصحف كل يوم الكثير. وقد سبق أن نشرت الصحف أن عددًا كبيرًا من تلميذاتنا في المرحلتين الإعدادية والثانوية يدخن، ومصدرها أقوال واعظ، ونحن نستغرب مثل هذا التعجّل في نشر إحصاءات تُبنى بها أحكام على أفراد مجتمعنا، ودون أي مراجعة لمصادر هذه الأرقام، وعلى ماذا اعتمدت، ومعلوم أنه إذا قام بالإحصاء عن طريق العينة غير المتخصص في الإحصاء لا يمكن الوثوق بنتائج ما قام به، حتى يراجعه متخصص بدقة، وإلاّ كثرت الأخطاء وتناسلت، أمّا الإحصاء الدقيق فلا يمكن الوثوق به إلاّ إذا صدر عن الجهة الرسمية الموكل إليها أمر الإحصاء، والإحصاءات التي تصدر عن جمعيات سواء في الداخل أو الخارج، ولم يراجعها متخصصون، على صحفنا ألاّ تنشرها، وهي لم تتأكّد علامَ اعتمدت وكيف أجريت.
ويبقى أن الإحصاء وسيلة علمية، وأيٌّ من الدول إذا لم يكن لديها جهاز إحصائي قوي موثوق بإحصاءاته، لا تستطيع أن تخطط لمستقبلها بصورة صحيحة في سائر مجالات الحياة، لذا تحرص الأمم على دقة الإحصاءات التي تجرى على أرضها لتثق بها، وليثق بها العالم من حولها، فهل تهتم صحفنا بصحة الإحصاءات التي تنشرها؟! هو ما نرجو، والله ولي التوفيق.