تنقية بيئتنا الإعلامية!

تنقية بيئتنا الإعلامية!
كتبت قبل ثلاث سنوات مقالاً تحدثت فيه عن حوار دار بيني وبين أحد طلابي وذلك بعد أن لاحظت أنه يستخدم كثيراً عبارات صادمة في نقاشاته وتعليقاته التي يكتبها على صفحته على الفيسبوك والتي تمتلئ بعبارات الاستهزاء والاتهامات والتشكيك. وحين سألته لماذا يفعل ذلك، قال لي: «أنا في بداية حياتي الإعلامية وأريد أن أبدأ قوياً وأن أصعد سلم الإعلام بسرعة، وبصراحة هذا الأسلوب هو أسهل طريق للشهرة!». الواقع أنه بقليل من التمعن في ساحتنا الإعلامية فإننا سنجد أن هذا التصور سائد ليس فقط لدى طلبة الإعلام وبعض الإعلاميين صغار السن المتحمسين، بل وأيضاً بعض كبار الإعلاميين سناً ممن يعتقد أن الزعيق والفرقعات الإعلامية هي أفضل طريقة للبروز والشهرة. ثلاث سنوات مرت على ذلك المقال تضاعفت فيها أعداد مستخدمي شبكات التواصل وتأثيرها، وبقدر ما حملته تلك الشبكات من فوائد وإيجابيات كبيرة على المستوى الإعلامي، الا أن السلبيات كانت أيضاً كبيرة. الكاتب الإماراتي عبدالله النعيمي عبر عن تلك السلبيات بمقال جميل قال فيه: « لو أخذنا جولة مطولة على حسابات المشاهير الجدد في مواقع التواصل الاجتماعي، لوجدنا أنها تشترك في سمة واحدة هي اعتمادها بشكل رئيس على صناعة التفاهة، أو ما يمكن أن نطلق عليه باللهجة العامية (الاستهبال).. اقفز، ارقص، اصرخ، أصدر أصواتاً غريبة، خالف قيم المجتمع، استفز مشاعر الآخرين، استهزئ بالمطربة الفلانية، اشتم اللاعب الفلاني، وتأكد أنك ستشتهر، وبعد أن يتجاوز عدد متابعيك المليون ستنهال عليك عروض الاستضافة في وسائل الإعلام والمهرجانات والمنتديات، وماذا بعد هذا العبث؟ أخلاق تنحدر، ذائقة تتشوه، ثقافة تتسطح، قيم تتلاشى، مواهب حقيقية تفقد فُرصها في الظهور، جيل بأكمله يضيع. ومن المسؤول عن هذا كله؟ كلنا مسؤولون، من أفراد ومؤسسات، فلولا تناقل الناس لمقاطعهم لما اشتهروا، ولولا تلميع الإعلام لهم لما ازدادوا شهرة «. النتيجة النهائية هي أن معاناة إعلامنا أصبحت مزدوجة، فمن ناحية اكتفى الإعلام التقليدي في مواجهته للإعلام الجديد بجانب اللهث وراء الاثارة الذي يكون أحياناً على حساب الرزانة والمصداقية، ومن ناحية أخرى أفرز الاعلام الجديد كثيراً من «المشاهير الجدد» الذين أدى ظهورهم المستمر على الفضائيات والصحف كضيوف وكتّاب الى تصنيفهم بقوة الأمر الواقع كإعلاميين، رغم أنه لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بالإعلام. مشكلة هؤلاء هي أن بعضهم لا تتعدى مؤهلاته سلاطة القلم واللسان أو التعصب و(الاستهبال) والتي جلبت لهم متابعين بمئات الآلاف، وبالتالي لا توجد جدوى من محاولة إقناعهم بتغيير أو تعديل أسلوبهم الضار لأنهم لا يجيدون أصلاً سواه. بيئتنا الإعلامية بحاجة اليوم الى تنقية سريعة قبل أن يتحول الداء الى وباء.

أخبار ذات صلة

قراءة متأنية لرواية «رحلة الدم» لإبراهيم عيسى (3)
لماذا إسبانيا؟!
الموانئ والجاذبية في الاستثمار
احذروا ديوانيَّة الإفتاء!!
;
قصة عملية مياه بيضاء..!!
منتجات المناسبات الوطنية!
القيادة.. ودورها في تمكين المرأة للتنمية الوطنية
الرُهاب الفكري!
;
(1) رجب.. ووهم فجوة الأجيال
علماء ساهموا في بناء الحضارة الإنسانية
في ذكرى اليوم الوطني الرابع والتسعين
رسالة نافذة
;
صهــــرجة
النافذة المكسورة!!
التنمية.. والسياحة
مبادرة سعودية رائدة.. تُعزز القطاع غير الربحي