متى يتحوّل نقد المتديّن إلى نقد للدِّين؟!
تاريخ النشر: 09 يوليو 2015 01:23 KSA
هذا العنوان أثر لمقال قرأته قبل أيام كان يريد صاحبه أن يؤكد حقيقة مهمّة أن نقد المتدين المسلم لا يعني نقد الدِّين ذاته، كما أن نقد رأي عالم الدين إذا أخطأ ليس نقدًا للدين، وكذلك من يدعو للدين، جميع هؤلاء نقدهم إن أخطأوا خطأ بيّنًا واضحًا، فلا يمكن أن يعتبر نقدهم نقدًا للدين، ولا يتحوّل إلى نقد للدين، ولكن أي منهم إذا قال قولاً هو من الدين ثابت عليه الدليل، أو فعلاً مما أمر به الإسلام، أو نهى عن أمر حرمه الدين، فانتقده جاهل بالدين فالنقد لا يكون لمن قال أو فعل، وإنما يتحول إلى نقد للدين، أمّا إن كان المنتقد على علم فهو ينتقل إلى قائل بغير علم في الدين، ولا يحب أن يسمع شيئًا، وهذه حالة تعتري اليوم كثيرين غرّهم بالله الغرور، نقرأ لهم ونسمع منهم اعتداءً سافرًا على أدلة الشرع المتفق عليها بين المسلمين جميعًا وهي (القرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع، والقياس) فهذا إذا عرض عليه حكم ثابت بكتاب الله أنكره وإذا ذكر بالدليل تأوله بجهل لغير ما نص عليه، وإذا سمع حكمًا ثابتًا بالسنة اتهم كل أئمة الحديث بأنهم يروون من الأحاديث الموضوعة الكثير، وهو وحده الذي يعلم الأحاديث الصحيحة، إن لم يتجاوز ذلك إلى سبهم وشتمهم، وإذا قيل له إن ما تنكره من الأحكام معلوم عند الأمة بالضرورة، إلاّ أنه لا يصغي إلى أحد، فهذا نقده في الحقيقة تخاريف، وهو معتدٍ على الدّين، ولا علاقة لأهل العلم به ولا المتدينين.
إن التدين إذا كان صحيحًا فأهله لا ينتقدون، أمّا من يظهرون التدين ويقع منهم السلوك المسيء إلى الدين، فالدين منهم براء، وهم في الحقيقة غير متدينين أصلاً، ومن تكثر أخطاؤه في الدين، وإن ادّعى علمًا به فهو جاهل لا يعلم من الدين إلاّ القشور.
والنقد وللأسف هذه الأيام فَقَدَ النزاهة عند الكثيرين، فالناقد الذي ينقد شيئًا لم يطّلع عليه كتابًا أو مقالة هو جاهل لا ناقد، إذا كان إنما يريد الإساءة لمن ينتقد أديبًا أو عالمًا كان أو مفكرًا.. ولدينا من هذا الصنف أعداد لا بأس بها، إنما ينتقدون من يكرهون، ورغم أن نقدهم المزعوم يسيء إليهم ويفقدهم عند الناس المصداقية، إلاّ أنهم سادرون في غيّهم ونماذجهم لا تخطئها العين، ولعلكم تعرفون الكثيرين منهم.