اليورو.. كارثة اليونان الاقتصادية
تاريخ النشر: 12 يوليو 2015 01:54 KSA
ما يجري مالياً -في هذه الأيام- في منطقة اليورو جدير بمتابعتنا. فمشكلة اليونان ليست هي مشكلة الدول الأوروبية لوحدها. بل هي مشكلة اقتصادية للعالم بأسره، إذا ما تطورت وخرجت من سياقها، ولم تحتويها دول الاتحاد الأوروبي. ولسوف تتفاقم محطمةً اقتصادات كثيرة في القارة الأوروبية، ومن ثمّ العالم. وسوف تسبِّب مشكلات مالية واقتصادية للاقتصاد العالمي كما فعلت الأزمة المالية الأمريكية في عام ٢٠٠٨م.
وكما هو معروف فإن أزمة الديون في اليونان ما كانت لتحدث لولا دخولها في الاتحاد الأوروبي ولإلغائها لعملتها (الدراخما) ثم اعتماد (اليورو) عملة الاتحاد الأوروبي عملةً لها. هذا التحول أتاح لها الاستفادة من الاقتراض الفلكي من الاقتصاد الأوروبي بفوائد منخفضة وميسرة. فاستطاعت بذلك أن تنشئ كثيراً من البنى التحتية الجديدة في البلاد، وأن تحدِّث البنى التحتية القديمة. كما استطاعت توفير آلاف الفرص الوظيفية لمواطنيها، وإنشاء المشروعات والصناعات المختلفة. ولكنها بعد كل ذلك لم تستطع أن تسدد ما عليها من الديون لضخامتها. فاضطرت إلى الاقتراض مرّة أخرى لتسديد الديون هذه المرة. وبدأت اليونان تدور مالياً واقتصادياً في حلقة مفرغة ليس لها نهاية. والآن هي مهددة بالخروج من منطقة اليورو إن لم توفِ بالسداد.
ما كان هذا ليحدث لو أنها استمرت بعُملتها، ولم تدخل في الاقتصاد الأوروبي، لأنها عندئذ كان سوف يصعب عليها الاقتراض إلا بفوائد باهظة، ما سوف يحدّ من اقتراضها ويجعلها تعيش في حدود إمكانياتها المالية. بالطبع هناك مميزات للانضمام للاقتصاد الأوروبي وهناك مساوئ. وفي الغالب أن الدول الصغيرة والاقتصادات الضعيفة ستكون عرضة للمشكلات الاقتصادية أكثر، بينما الاقتصادات الكبيرة سوف تأكل غيرها وتستفيد. وأدعو الذين ينادون بتوحيد العملة الخليجية التَّمعن في هذا الاتجاه.
اليوم ليست اليونان وحدها هي التي تواجه هذه المشكلة، بل جميع دول الاتحاد الأوروبي؛ وبالأخص الدول الاقتصادية الكبرى فيه. وأهمها كما هو معروف ألمانيا. فمعظم الأموال المتاحة للاقتراض قادمة بشكل أو بآخر من الاقتصاد الأقوى في القارة، الاقتصاد الألماني. لذا نرى ألمانيا تسعى جاهدة للإبقاء على اليونان بمحاولة دعمها بقروض جديدة ولكن بشروط تقشّفية صعبة.
إن انفراط العقد الأوروبي سيحدث لو خرجت اليونان. فالبرتغال وإيطاليا وإسبانيا -على سبيل المثال- مؤهلة لعدم القدرة على سداد الديون ومن ثم الخروج من اقتصاد اليورو. ولو حدث هذا فالكارثة الاقتصادية سوف تشمل -للأسف- دولاً أخرى لا ناقة لهم فيها ولا جمل.