المجتمع واقتصاده
تاريخ النشر: 03 أغسطس 2015 01:18 KSA
ثراء الأمة من ثراء المجتمع ويصح القول بأنه كلما ارتفعت إنتاجية الأمة كلما زاد ثراؤها. وفي عصر مال (الفيات)، يتحقق الثراء بتوظيف هذا المال ،وكلمة مال فيات تعني أمراً حكومياً أي أن للدولة عملة وطنية تحتكرها في إطار ممارسة السيادة القانونية وتستخدمها لزيادة ثراء الأمة.
العبور للثراء يتم بالتخطيط الاستراتيجي بحيث توظف العملة الوطنية للوصول بالمجتمع لمرحلة من الإنتاجية تقابل كامل استهلاكه المحلي فضلا عن تصدير الفائض لتحقيق المزيد من الثراء. وهناك اقتصادات يمكن وصفها بالاستهلاكية فالولايات المتحدة رغم أن إقتصادها كبير إلا أن البعض يرى أن ميزانها التجاري يعاني من العجز أي أن مبالغ الاستيراد بعملتها تتجاوز العائد من الصادر وهذا الاستنتاج يبدو كحقيقة ولكنه قراءة متعجلة لأن أرقام الميزانية ليست بالضرورة تعكس كل الحقيقة إذ يجب أخذ المعايير التجارية بالاعتبار لتصبح هذه المعادلة مربحة وتعبر عن الصورة الكلية لأداء كامل الاقتصاد الأمريكي أو ببساطة تبين أنه اقتصاد ينتج بوفرة كل ما يستهلك المواطن الأمريكي ويصدر الفائض للعالم أي بقراءة أرقام كامل إنتاجية الأمة مع استصحاب مفهوم صافي الصافي وليس الاكتفاء بقراءة جزء من المعادلة، لتحقيق عوامل إيجابية تصب في ثراء المجتمع الأمريكي.
وإذا تمعنا في تاريخ الاقتصاد الأمريكي فإن خريطة الطريق المستخدمة في تكوين اقتصاد أمريكا وكثير من اقتصادات العالم، للوصول لصافي ربح إيجابي على مستوى المجتمع، تبدأ الخطوة الأولى فيها على مستوى المدن ، فالمدينة الأمريكية تبادر بتكوين واحات تقنية وواحات أبحاث تحتضنها جامعة ترفع من الجودة وتتخصص في مجال بعينه طب أو هندسة أو تقنية ومع الزمن يُستخدم المال الفيات للتوسع في مجالات البرمجة والانترنت وغيرها بما يواكب الزمان والمكان، ومبادرة المدينة لابد أن يدعمها جهد جماعي لتتراكم فوائد اقتصادية وأبحاث وخبرات، وعبر جيل كامل من الاستثمار الصحيح ترتقي الجامعة لتنتج براءات اختراع وتمتلكها مما يجعل جهدها يصب في الاقتصاد المحلي، وهكذا كل مدينة ترغب في زيادة ثراء مجتمعها تربطه بجامعة مع تحديد مجال تركيز استثمارها وفق الميز النسبية المتوفرة، ولهذا النقد الموجه لمبادراتنا المحلية النقص في التخطيط الاستراتيجي، إذ رغم توفر المال الفيات والجهود إلا أنها مشتتة وكل في وادٍ بدون تعاون أو توفير حاضنة للأبحاث مما جعل الجهود أقرب للمظهر منه للمقصد فاستقدام العلماء من الخارج يتم ليقال أن هناك أسماء علمية بجامعة المدينة العلانية مع تغيب لتشجيع إنتاج براءات اختراع وهي التي تجسد صحة الاقتصاد وعافية بدنه في الأمم الأخرى.