داعش أوروبا
تاريخ النشر: 17 أغسطس 2015 02:18 KSA
لاشك أن اسم داعش صار يرمز لكل أنواع التوحش وكافة أساليب الإرهاب والقمع والفقر والتخلف ومحاربة الاستقرار وما يفارق القيم الإنسانية الفاضلة، وأجدني أشبِّه ما تقوم به الترويكا من وصفات اقتصادية ضد اليونان، بتوحش داعش إن لم يتطابق معه فوصفات الترويكا ليست منزوعة الرحمة فحسب بل وموغلة في قسوتها وتنكيلها بالضحية ،لا عجب فالترويكا تضم السوق الأوروبية وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي، وعدم وجود مسحة بروشتة دوائها غير مثير للعجب ولكن أسوأ ما في العلاج أنه أفقد اليونان كافة مقومات استقلالها ناهيك عن سلبها قرارها الاقتصادي، فقد أجبر رئيس وزراء اليونان على توقيع اتفاق اقتصادي لا يقل في سوئه عن إجبار ألمانيا توقيع معاهدة فرساي التي كسرت عظم ظهر الاقتصاد الألماني وفي المحصلة قادتها إلى خيار أن تموت جوعاً أو تندفع لخيار الحرب الكونية الثانية فكان ما كان وهذا الاتفاق سيدفع باليونان حتماً لخيارات أحلاها مُر .تفاصيل الاتفاق الذي أكرهت اليونان على توقيعه يبدو إملاء أكثر منه اتفاق وتضمَّن عودة الترويكا إلى الاقتصاد اليوناني وبعودتها لا يحق للحكومة اليونانية التصرف بأي سياسات اقتصادية محلية أو تبنى إجراءات ذات صلة دون أن تعود إلى الترويكا، كما ألزم اليونان بإطلاق يد مؤسسات الترويكا في بيع أصول الدولة اليونانية للقطاع الخاص أو بالأحرى للبنوك الخاصة وللمصارف الألمانية والفرنسية باعتبارها أكبر الدائنين لليونان وهو وضع يسمح بخصخصة الموانىء والمطارات والخطوط الحديدية وغيرها. وكانت المصارف الألمانية تواجه فعلا خطر ديون معدومة ولكن ذلك بسبب تمويلها صادرات ألمانية لليونان. وعلى كل ضمن الاتفاق حصول مؤسسات الترويكا على ما تريد ولكن الواقع اليوناني يعاني فقراً وبطالة يعيش فيها المواطن ظروفاً اقتصادية مفزعة بكل المقاييس هذا ما يطرح الأسئلة وما يسميه كاتب السطور بأساليب داعش الأوربية.إن سياسات الترويكا في اليونان مقدمة منطقية لقسوة رأس المال وتوحشه في الإجهاز على الضحية وبدم بارد، فالترويكا لن تتورع أن تترك المواطن اليوناني بلا عمل يهيم على وجهه أو يسقط في هوة سحيقة من الفقر ..ويساند الترويكا في توجهها البيروقراطيون الأوروبيّون الذين يمثلون المصارف الخاصة ومصالح كبار المصنِّعين الألمان والفرنسيين ،فهؤلاء يظهرون حرصا على مصالح الجهات التي يمثلونها بأكثر من الالتفات لدموع غيرهم، فهم إذن يكرسون قسوة داعش ولكن في ساحة الاقتصاد.!!