الثقافة الصادمة الناشزة
تاريخ النشر: 23 أغسطس 2015 00:59 KSA
قيل «سافر ففي الأسفار خمس فوائد»، وبعضهم قال إنـها سبع. لكن .. ليس من بينها «كيف تصطاد بطة وتطبخها». ولقد لفت هذا الخبر «والفيديو» المصاحب له الناس، واستهوى الكتّاب. ولا أظن أن كاتباً، وهذا الكاتب منهم، قد تجاوز الخبر ولم يذكره إلا «محترفاً لاصطياد أو متعففاً عن ورود ضجيج الآخرين»! ولكن الفوائد الخمس أو السبع كانت في زمن غير هذا الزمن، وفي ثقافة غير ثقافتنا الحالية المتسمة بــ»الأميّة» نعم «الأُمية» وليست «الأممية».«كان يا ما كان» في سالف العصور والأزمان، أن الثقافة كانت تجني فوائدها من كل شيء. فكانت جذورنا الرائعة الأصيلة تقبض عليها، حتى في السفر. وذلك من معرفتهم بكيفية الاستفادة من الزمان والمكان في حلهم وفي ترحالهم، فتزداد منهما علومهم وتجاربـهم الإنسانية، وتتسع دائرة معارفهم. أين نحن منهم اليوم؟ وأين ثقافتنا اليوم من حصيلتهم العلمية وإبداعاتهم الإنسانية؟أكاد أجزم، بل أؤكد بأن العلوم التي بين أيدينا اليوم، أعظم بمئات بل آلاف المرات مما كان متاحاً لهم. ولكنها علوم في الكتب، وفي دائرات المعارف، وفي الحواسب الإليكترونية، ومحرّكات البحث، في حين كانت هي في قلوبهم وعقولهم وأبصارهم. فهل استفادت العقلية العربية (وبالأخص الخليجية) بكفاءة مما هو في متناولها الآن؟ وهل تطورت القواعد «السلوكية» عندنا منها؟ وهل ازدادت ذاكراتنا العربية ثراءً من تلك العلوم والبدائع الثقافية الحاضرة، وخزائنها الغنية في التأثير على عقلنا المتضخم بالمادة، والقدرة الشرائية، والدوافع الاستهلاكية؛ أم ظللنا برغم كل ذلك المتاح من العلم أميين في زمن ثورة المعلومات؟ وظللنا برغم كل ذلك المتاح من الثقافة فيها متخلفين؟ ألسنا نبدو اليوم أمام كل العالم، متدثرين بسلوك وثقافة صادمة ناشزة تعرّينا في عيونهم، في كل موسم صيف لنبدو أجلافاً متخلفين؟ وهل تفيد من بعدُ كل ملاييننا الدولارية لأن تغيّر صورتنا التعيسة في أذهانهم؟ كيف ذلك إن كنا، وما زلنا، نجر ثياب التفاخر الفج، والجهل المركب، والخواء الذي لا يُخبَّأ أو بحيائه يستتر؟