التسلط وتداعياته «٢»
تاريخ النشر: 05 نوفمبر 2015 00:44 KSA
إن من تداعيات التسلّط، خروج عشائر، أو أسر متسلّطة، تحاكي المتسلّط، وتتماهى معه. فالمركزيّ يولّد المركزيّة لتسهيل التواصل والتحكّم. ومن النتائج السلبية للتسلّط الأُسري العشائري هو قتل روح المواطنة والانتماء والمبادرة، فيحل مكان الانتماء إلى الدولة الانتماء للأسرة المتسلّطة، وهذا بدوره يعرقل حركة النمو في الدول.يذكر د. مصطفى حجازي في كتابه «التخلّف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور». أن هذه الأسر تتماسك فروعها بشكل وثيق، وتضعف الروابط بينها وبين سواها، فتصبح الأسرة هي المقدّسة، وتصبح نمطًا من أنماط الحياة، ومع ازدياد حجم الأسرة يزيد نفوذها الاقتصادي فيحرص الآباء فيها على عدم إفلات أي شخص من سطوة الأسرة. تؤمن الأسر هذه لذويها احتياجاتهم، ولكنها تخطط لهم تبعًا مستقبلهم لتزيد سطوة الأسرة، وقوتها، وعزتها، ومن فوائد الذوبان في الأسرة امتيازات وضمانات من الناحية المادية والمعنوية، وتوفر للحماية، ولكن بالتهديد بالتنكّر إذا ما استقل منها الفرد. ومن خصائص الحب التملّكي التساهل في جميع الأمور عدا الرغبة في الاستقلال، فالأخيرة خطيئة لا يتساهل في أمرها.فكل إنجاز يحوزه أيّ فرد في الأسرة يعود عليها ككل، وليس على أي فرد بذاته فقط، وتقدم الأسرة الاعتزاز لمن لا نجاح فردي لديه. فتسبب هذه الأسر عقبة تجاه التطوّر الاجتماعي، إذ إن الانتماء للأسرة يحتل مكان المواطنة، ويقلل من ميزات الجهد الفردي، وتحفيزه على العمل، وكثيرًا ما تثير هذه الأسر النزعات القبلية، وهذه تهدد تقدم الإنسان. ومن مصلحة الدول في رأيي الشخصي أن تزرع في مواطنيهم حب الانتماء إلى الوطن، وتدفع خارجًا بالمحسوبية، ووساطة الأسرة؛ ليصبح الفرد أكثر إنتاجية، ويتّضح العاملون من المتّكلين على النسب. ويلغى الوسطاء بين الدولة والشعب من رؤساء العشائر القلة المستفيدة من الوضع، والذين يقحمون من دونهم لصالح من يعلوهم، ويبشرون بانفجار متحقق.