الأيديولوجية الليبرالية والخصخصة

الأيديولوجية الليبرالية والخصخصة
قليلون يدركون معاني الخصخصة وصلتها بالأيديولوجيات الفكرية الغربية، رغم أنها صارت من شائع الكلام ولكني كلما سمعت كلمة الخصخصة استعدت مضامين مقال السيد جورج مونبيوت وفيه مشهد السيد رونالد ريغان والسيدة تاتشر رئيسة الوزراء البريطانية وهي تقف أمام منصة في البيت الأبيض تتحدث بحماس أيديولوجي للصحافه لتعلن أن لا خيار اقتصادي آخر سوى الخصخصة، وتتداعى الخصصخة التي تعرف شعبيًا بشعارات جوفاء مثل أنها تحقق الفعالية للمنشأة المخصخصة ولكنها تغيب كأيديولوجية ليبرالية عرفت بأن ما يميزها أنها تطرح المنافسة كأساس للتعامل بين البشر وكذلك بين الأسواق وهي أيضًا تعرف العلاقة بين المتعاملين في الاقتصاد بأن البقاء فيها للأقوى وبموجب تلك المعاني تعيد تعريف مصطلح المواطن نفسه بحيث يصبح مجرد مستهلك وأن علاقته إنما يحددها البيع والشراء وتبعًا لهذا فإن ثراءه يحدد معدل المواطنة فمن يزداد ثراؤه يستحق كل شيء ومن يعجر فعليه أن يلوم نفسه لأنه هو السبب في ذلك لكسله وفشله وفقره ولعدم قدرته على المنافسة بدلالاتها المتوحشة التي تستبعد مفاهيم إنسانية وأخلاقية، ولهذا مفهوم الفقر ليس واردًا والفقر مغيب كظاهرة وأن السوق أفضل مشرع ومصحح للأخطاء التي تحدث داخله ولهذا اعتبرت الضرائب والأنظمة القانونية من مشكلات الاقتصاد والحرية كما تراها هذه الأيدولوجية لا عجب أن مضت الخصخصة بتعميق توجهات تحرم العاملين من مطالبتهم بالعدالة في الحقوق. مالا ندرك أن هذه الأيدولوجية لها آباء مؤسسون هما (لودويك فون ميسيس وفردريك هايك) من جمهورية النمسا، هؤلاء الليبراليون انتقدوا بشدة خطة الرئيس فرانكلين روزفلت الذي تبنى بعد النكسة الاقتصادية العظمى في الثلاثينيات فكرة (النيو ديل) كنوع من تعميم فكرة الديمقراطية الاجتماعية كمدرسة اقتصادية تقوم على أسس سياسية واقتصادية تعيد تعريف العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطن على أساس توفير العيش اللائق الكريم ومحاربة الفقر والسعى بهمة لتحقيق التنمية الاجتماعية الشاملة بينما الخصخصة تسعى للإبحار في التيار المعاكس.والشيء بالشيء يذكر، لابد أن القراء يستعيدون مشهد الشعب الأرجنتيني في الثمانينيات ولابد يستعيدون المشهد في أمريكا اللاتينية يومئذ وحتمًا يستعيدون حصاد ما حدث في تونس ومصر إثر خصخصة القطاع العام في مجتمعات تعاني محدودية الدخل، ولابد أن يطرح القارئ تساؤلا مشروعًا هل زادت الخصخصة معدلات الفقر في المجتمعات المذكورة أم زادت فعالية المؤسسات المخصخصة كما كان يؤمل؟ ليس ثمة إجابة ولكن من ثمار الخصخصة نحكم عليها، فما يعانيه الجنيه المصري اليوم يعكس عافية الاقتصاد الوطني ومثل ذلك يقال عن الإنسان التونسي فالخصخصة بجذورها التاريخية وإن لم يتم استصحابها فإن ضررها أكثر من نفعها وكان ينبغي التفكير والتأمل في جذورها ومنطلقاتها قبل تعميمها في أي اقتصاد.

أخبار ذات صلة

«اسحب على الجامعة يا عم»!!
حكاية مسجد في حارتنا..!!
شر البلية ما يُضحك
أطفالنا والشاشات
;
الرد على مزاعم إسلام بحيري في برنامجه إسلام حر
السعودية ومرحلة الشراكة لا التبعية
جلسات علمية عن الخلايا الجذعية
الشقة من حق الزوجة
;
المزارات في المدينة المنوَّرة
خطورة المتعاطف المظلم!
خطورة المتعاطف المظلم!
لماذا يحتاج العالم.. دبلوماسية عامة جديدة؟!
أدب الرحلات.. والمؤلفات
;
كيف نقضي على أساليب خداع الجماهير؟!
المتقاعدون والبنوك!!
د. عبدالوهاب عزام.. إسهامات لا تُنسى
فلسفة الحياة.. توازن الثنائيات