مستقبل تركيا وجيرانها بين يدي أردوغان
تاريخ النشر: 26 يوليو 2016 01:20 KSA
إصرار الجيش التركي على تكرار محاولاته الانقلابية ضد الحكومات التي لا يرضى عنها أدى به هذه المرة إلى فشل كبير ، ووفر بذلك للرئيس التركي ، رجب طيب أردوغان ، وحزبه ، فرصة للتمكين وتحويل مؤسسات الدولة للعمل بالشكل الذي يكون مناسباً للحزب ، وتصفية المعارضين والمشكوك في ولائهم على حد سواء من كل مفاصل الدولة . الاعتقالات الواسعة التي تجري اليوم قد تتحول إلى خطر حتى على حزب العدالة والتنمية نفسه . إذ شملت عشرات الآلاف من القيادات في الجيش والشرطة والقضاء والجامعات والمدارس والدعاة. وهذا يذكرنا بما أقدم عليه الأميركيون عندما احتلوا العراق حين قاموا بإفراغ الدولة من مكوناتها لإعادة بناء العراق ، وأدى الفراغ إلى ما نشاهده اليوم من فوضى دموية هناك .. وهناك فارق كبير بالطبع بين احتلال أميركي وإعادة حكومة شرعية سيطرتها على البلاد ، إنما هناك خطر من أن تؤدي إجراءات الاعتقالات الواسعة إلى إفراغ المؤسسات التي تجري تصفيتها وإحداث فراغ يؤدي إلى فوضى ويوفر لأعداء تركيا الفرصة لبث الإرهاب والخوف . الرئيس رجب طيب أردوغان يجد نفسه في موضع يمكنه عبره أن يعيد كتابة تاريخ لا تركيا فحسب ، بل والمنطقة المحيطة بها أيضاً . وأن يؤكد الهوية الإسلامية الديمقراطية للبلاد أو ينطلق بوطنه إلى دكتاتورية باسم الإسلام ويحبط آمال الكثير من الإسلاميين الذين كانوا يتطلعون إلى أن يقوم أردوغان بقيادة بلاده باتجاه ديمقراطية بمضمون إسلامي ليبرالي يتناسب مع عالم اليوم. نجح أردوغان في كسب معاركه السياسية والاقتصادية والتف الشعب التركي حوله ، وهناك هذه الأيام تعبئة سياسية قد تكون لصالح الديموقراطية التي سببت الرعب لنخبة ، بما فيهم ضباط في الجيش ، تدعي الوصاية على البلاد ، وشعروا بأنها تهدد مصالحهم .. وهذا يضع الرئيس التركي في موقع يستطيع به أن يوجه الأحداث حيث يشاء . فالتوجه الأتاتوركي الذي تبناه الجيش كان مبالغة علمانية في إنكار القناعة الدينية والهوية الثقافية للقاعدة الجماهيرية العريضة . بينما يمكن اليوم لأردوغان أن يكذِّب أولئك الذين تبادلوا على وسائل التواصل الإجتماعي في بداية عهده مقولة نسبوها إليه بأن الديمقراطية ليست سوى قطار نركبه لتحقيق أهدافنا . ومتى وصلنا لمقصدنا ننزل منه . الذين يحبون أردوغان ، ويحبون تركيا ، عليهم توجيه المديح حيث يستحق والنقد حيث يجب أن يكون لا أن يكرروا ما يردده الإخوان المسلمون وأتباعهم من تحريض على تركيا والمبالغة في عبادة الفرد كذلك الذي قال إنه لا مانع أن يكون جزءًا من حريم السلطان ، لوكان ذلك السلطان أردوغان .