علاقة الداخل التركي بدخول الجيش لسوريا

علاقة الداخل التركي بدخول الجيش لسوريا
إقدام تركيا على إرسال جيشها لداخل الأراضي السورية كان خطوة جريئة ، وضرورية لإعادة تصحيح مسيرة المقاومة للنظام المذهبي القائم في دمشق ،.. وقد اعتبر البعض أن دخول الجيش التركي إلى داخل سوريا سيزيد الأزمة السورية تعقيداً ، إلا أني لا أتفق مع هذا الرأي . إذ أن دخول الأتراك بهذا الشكل سيؤدي إلى خلق مناطق آمنة للسوريين يستطيعون اللجوء اليها ، والبقاء فيها بدون الخوف من البراميل الحارقة ، ولا متفجرات الطائرات والصواريخ الروسية ، أو جنون الإرهاب الداعشي . كما أنه سيدفع الأميركيين والروس إلى الحديث الجاد عن حلول حقيقية للمأساة السورية نتيجة لتواجد لاعب عسكري مهم على الأرض يصعب على أي منهما السيطرة على تحركاته . رجب طيب أردوغان ، الرئيس التركي ، حقق بخطوته الجريئة هذه عدة أهداف ، إذ إن إجراءاته الواسعة والقاسية باعتقال وتسريح عدد كبير من قادة الجيش أدت إلى نشر روح التذمر والقلق داخل القوات المسلحة ، ولذا فإن تحركها العسكري يعطيها دوراً يؤكد ثقة القيادة السياسية بها وحاجتها إليها . كما أن تسليح أميركا لأكراد سوريا وتحويلهم إلى قوة عسكرية ضاربة تتوسع على طول الحدود السورية مع تركيا يهدد بتوسيع الرقعة التي يسيطر عليها الأكراد وقيام ارتباط خطير للأراضي التي يسيطر عليها الأكراد في سوريا ورفاقهم الأكراد في العراق ويجعل احتمال قيام كيان كردي موحد في كل من سوريا والعراق وتركيا ، وربما إيران ، احتمالاً ممكنا ومن الضروري تركياً إيقافه . وهناك أهداف أخرى . ويبرز سؤال مهم يتعلق بالوضع الداخلي التركي ، إذ عجز هذا البلد ، حتى الآن عن تثبيت دعائم دولة مستقرة في ظل دستور متفق عليه منذ أن سقطت الدولة العثمانية . فقيام كمال أتاتورك بإعلان تركيا جمهورية لم يؤدِّ إلى الاستقرار المطلوب ، إذ شهدت البلاد انقلاباً عسكرياً عام 1960 ثم تدخلاً عسكرياً لإسقاط الحكومة المدنية عام 1971 تلاه انقلاب عسكري في 1980 وبعدها تدخل عسكري لتغيير الحكومة المدنية عام 1997.. ومنذ أن جاء حزب العدالة والتنمية إلى الحكم تعددت الأقاويل عن محاولات انقلابية يدبرها الجيش للخلاص من النظام المدني القائم ، وفي مارس 2007 نشرت مجلة أسبوعية تركية ما قالت إنها مذكرات لقائد سابق في البحرية كشفت عن مؤامرات وخطط لتدخل عسكري ضد حكومة حزب العدالة والتنمية خلال عامي 2003 و 2004 .. وخلال السنين التالية كشف عن محاولات انقلابية أخرى ومن ضمنها ما أطلق عليها مسمى ( المطرقة ) وبدأ التحقيق فيها شهر يناير 2010 ، وأدين نتيجة لها 325 من كبار ضباط سلاح الطيران والبحرية والجيش وسجنوا حسب أحكام مختلفة صدرت أواخر عام 2012 كما اتهم خلال التحقيقات في هذه المؤامرة المئات من الصحفيين والأكاديميين وضباط القوات المسلحة المتقاعدين بالإضافة الى من هم على رأس العمل .. وفي منتصف عام 2014 أطلق سراح جميع المعتقلين وجرت تبرئتهم بعد خلاف بين أردوغان و حركة خدمة ، التابعة للداعية المتهم حالياً في الانقلاب الفاشل وقيل حينها إنها وراء كل تلك التهم . التصفيات التي جرت في السابق وتجري الآن داخل تركيا تستهدف إعادة تكوين المجتمع التركي ودولته ، والحروب مع الأكراد وداخل سوريا ستخدم النظام وستساهم في جمع الصفوف حول قيادته الحالية الممثلة في رجب طيب أردوغان والمحافظة على العسكر بعيداً عن السياسة .. هل يكتب لها النجاح ؟

أخبار ذات صلة

حتى أنت يا بروتوس؟!
حراك شبابي ثقافي لافت.. وآخر خافت!
الأجيال السعودية.. من العصامية إلى التقنية الرقمية
فن الإقناع.. والتواصل الإنساني
;
عن الاحتراق الوظيفي!
سقطات الكلام.. وزلات اللسان
القطار.. في مدينة الجمال
يومان في باريس نجد
;
فن صناعة المحتوى الإعلامي
الإدارة بالثبات
أرقام الميزانية.. تثبت قوة الاقتصاد السعودي
ورود
;
حان دور (مؤتمر يالطا) جديد
الحضارة والتنمية
خط الجنوب وإجراء (مأمول)!
الشورى: مطالبة وباقي الاستجابة!!