رحيل عبدالرزاق بليلة.. رمز الثقافة والإعلام والرائد في العمل الخيري
تاريخ النشر: 17 سبتمبر 2010 04:17 KSA
فجع الوسط الإعلامي والثقافي صباح أمس الخميس 7 شوال 1431هـ الموافق 16 سبتمبر 2010م برحيل عميد أسرة آل بليلة الشيخ عبدالرزاق محمد صالح بليلة عن عمر يناهز 88 عامًا، حيث وُلد الفقيد بمكة المكرمة عام 1339هـ وأتم مراحل التعليم الأولي في العاصمة المقدسة، وحصل على درجة البكالوريوس عام 1383هـ من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية. وأسس الفقيد جمعية البر بمكة المكرمة، كما أسس مكتبة الثقافة مع زميله الشيخ صالح محمد جمال وشغل عضوية العديد من الهيئات واللجان من أبرزها الهيئة التأسيسية لصندوق البر بمكة المكرمة ولجنة النشر العربية، وله مقالات عديدة في صحف البلاد والندوة وحراء سابقًا،
وكان أول من حرر صفحة أسبوعية طريفة تحتوي على الأخبار الخفيفة والمقتطفات الأدبية تحت اسم (مجلة البلاد)، واشتغل بالعمل الصحفي خلال فترة عمله بوزارة المعارف كمحرر غير متفرغ بجريدة البلاد.
حيث كان يعمل موظفًا بمديرية المعارف بمكة المكرمة متنقلاً في عدد من الوظائف الإدارية والتعليمية منذ عام 1368هـ حتى أحيل للتقاعد عام 1404هـ، بعد أن اشتغل بمديرية الأمن بمكة المكرمة على وظيفة كاتب خلال الفترة من 1357هـ حتى عام 1364هـ. لتجئ وفاته يوم أمس ليوارى عصر اليوم نفسه بمقابر المعلاة في مكة المكرمة.
والفقيد والد كل من المهندس أسامة عبدالرزاق بليلة والأستاذ نزار عبدالرزاق بليلة والدكتور مازن عبدالرزاق بليلة عضو مجلس الشورى ورئيس التحرير الأسبق لصحيفة المدينة، والدكتور ياسر عبدالرزاق بليلة عميد كلية التصاميم بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بالرياض.
رائد الثقافة والعمل الخيري
عدد من الأدباء والمثقفين عبّروا عن عميق حزنهم لرحيل بليلة؛ حيث يقول معالي
د. سهيل بن حسن قاضي رئيس نادي مكة الثقافي: عبدالرزاق بليلة من الرواد الذين خدموا الثقافة في مكة المكرمة، وله دور تأسيسي في مكتبة الثقافة مع الشيخ صالح جمال يرحمهما الله جميعًا والتي يمتد عمرها الآن لأكثر من نصف قرن.
وهذا الرجل أيضًا محسوب من الرواد في العمل الخيري في مكة المكرمة؛ إذ أسس هو والشيخ صالح جمال والشيخ حامد مطاوع جمعية البر الخيرية والتي كانت تعرف في ذلك الوقت بصندوق البر. كما له بصمات واضحة في المجال الثقافي،
فقد كانت له مكتبة أخرى تجارية وكانت عبارة عن منتدى يلتقي فيه المثقفين والأدباء، وكانت بالقرب من الحرم المكي.
ويضيف قاضي: ومن اهتماماته بالمجال الثقافي أنه كان يحث على عملية القراءة للجميع ولكن مع قرب كل موسم صيفي يعرض مجموعة كبيرة من الكتب بأسعار رمزية جدًّا حتى تكون في متناول الطلاب بحيث يستفيدوا من إجازة الصيف في القراءة والتثقيف. فهو من الرواد والأدباء الذين يعتز بهم الوطن، وبرحيله نخسر أحد الروّاد الكبار في هذا المجال، وعزاؤنا في ما قدمه من عمل، وفي ما أنجبه من أبناء نبلاء لهم أدوارهم، ونحسب بأنهم سيسلكون مسيرة والدهم، ولا نملك إلا أن ندعو الله له بالرحمة، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
رمز التربية
كذلك تحدث الدكتور هاشم عبده هاشم بقوله: عبدالرزاق بليلة رمز من رموز التربية ومن رموز الصحافة في المملكة العربية السعودية، وكان واحدًا من أبرز المعلمين في جيل الستينيات في مدرسة الرحمانية بمكة المكرمة، وهو صاحب أول صفحة في الصحف السعودية خاصة بالطلاب والمواهب من خلال صحيفة البلاد السعودية. وقد كنت اقرأ هذه الصفحة وأتابعها بشغف، وكان ممن يكتب فيها في تلك الفترة الدكتور محمد عبده يماني، وعبداللطيف الميمني، ومحمد سعيد طيب، ومحمد صالح باخطمه.
وكل هؤلاء كانوا تلامذة للراحل عبدالرزاق بليلة، فقد تعلمت من هذه الصفحة الكثير وكانت بالنسبة لي مدرسة تعلمت منها كيف أتعامل مع الحرف فيما بعد، وليس غريبًا أن يكون المرحوم عبدالرزاق بليلة أبًا لأبناء مميزين وأكاديميين أمثال الدكتور مازن واخوانه. فهو أستاذ جيل، ومن باب أولى أن يكون أبًا لأبناء برزوا على مستوى من العلم والثقافة؛ فأحدهم في مجلس الشورى،
وآخر دكتور فاعل بجامعة الملك عبدالعزيز
ويختم هاشم بقوله: ما أتمناه هو أن نذكر لهذا الرمز هذه البدايات القوية، وهي مرحلة نعتز بها فقد كان مؤسس لفكر ومهنة صحفية تتلمذ على يده الكثير.
المربي الفاضل
الدكتور محمد سعيد طيب عاد بذكرياته مع الراحل منذ 60 عامًا خلت بقوله: علاقتي تمتد بالأستاذ عبدالرزاق بليلة منذ حوالى ستين عامًا؛ فقد كان يرحمه الله مربيًا فاضلاً، وقد تتلمذت على يديه في أواخر المرحلة الابتدائية وبداية الإعدادية، وفي فترة
الخمسينات الميلادية كان مشرفًا على صفحة في جريدة البلاد السعودية وكنت أحد الطلبة الكُتّاب في تلك الصفحة تحت إشرافه،
وكان يشجعنا ويدعمنا ويقدم لنا النصح والإرشاد والتوجيه، وكان معي في تلك الفترة بعض الطلاب الذين يكتبون في تلك الصفحة أمثال الراحل عبدالله الجفري، ومحمد الشاعر، ومحمد صالح باخطمه، والدكتور محمد عبده يماني وغيرهم. وكانت هذه الصفحة محطة انطلاقة لعدد من الكُتّاب الصغار الذين اصبحوا فيما بعد رموزًا في الكتابة والصحافة وذاع صيتهم.
تشجيع المواهب
ويقول الأستاذ أسامة السباعي: رحم الله الأستاذ عبدالرزاق بليلة أحد روّاد الصحافة ورجل من رجال التربية والتعليم منذ أكثر من خمسين عامًا.
حيث كان أحد الموظفين المعروفين في إدارة التعليم بمكة المكرمة، وصحفي غير متفرغ في صحيفة “البلاد السعودية”، وكان - يرحمه الله- يحرر صفحة “دنيا الطلبة”؛ وهي صفحة أسبوعية والتي استطاع عبرها أن يستقطب أعدادًا كبيرة من الشباب والطلبة ويحرص على تشجيعهم للكتابة فيها، وقد أصبح لهؤلاء المواهب والطلاب اسم كبير في الوقت الحالي. ويختم السباعي بقوله: لقد انبهرنا بشخصية البليلة الذي كان يطرح في صفحته آراء وأفكار ونصائح ومقترحات كنا في أمسّ الحاجة لها. وكم كان الأستاذ بليلة كريمًا معنا في نشر إنتاجنا المتواضع والذي كان متنفسًا لهوايتنا الصحفية والأدبية المبكرة. أقدم عزائي لأبنائه وأخص ابنه الدكتور مازن وبقية إخوانه والعائلة وكل أقربائه وطلابه سائلاً لهم الصبر والسلوان.
رائد البر
الأستاذ فائز صالح جمال قال: غادرنا فجر الخميس السابع من شوال 1431هـ إلى رحاب رب كريم العم الشيخ عبدالرزاق بليلة، وهو أحد أبرز رجالات جيله من المثقفين والأدباء، ويشهد له بذلك العشرات من المثقفين والأدباء الذين تتلمذوا على يديه عندما كان مسؤولاً عن صفحة الطلبة في إحدى الصحف المحلية. وقد ساهم رحمه الله مع كوكبة من المثقفين والأدباء في تأسيس مكتبة الثقافة التي تأسست خدمة للثقافة والعلم، وكمشروع ثقافي أكثر منه تجاري، فقد اتخذ المؤسسون وهم المرحومون بإذن الله :
الأساتذة صالح جمال وعبدالرزاق بليلة وعبدالحليم الصحاف وأحمد ملائكة ومحمد حسين اصفهاني شعارًا للمكتبة هو (المكتبة التي انشئت لنشر الثقافة والعلم)، وما الجانب التجاري الا لضمان استمرار أداء هذه الرسالة فرحمهم الله جميعًا. وللشيخ عبدالرزاق بليلة مساهمة في مجال البر، فهو أحد المؤسسين لجمعية البر بمكة المكرمة التي تأسست في عام 1371هـ، كأول جمعية بر في المملكة، ولا تزال حتى اليوم تمارس مهامها وتؤدي رسالتها في رعاية فقراء الحرم ومساعدتهم في مناحي حياتهم المتعددة. رحم الله الشيخ عبدالرزاق بليلة والحقه بالصالحين، والهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان.