العالم البدائي بنسخته الحديثة!
تاريخ النشر: 16 أكتوبر 2016 23:12 KSA
- مشهد تلفزيوني قديم يعرض مجسم الكرة الأرضية القابل للدوران شاخصًا على مكتب إحدى شخصيات الأفلام أو البرامج وهو يقوم بإدارتها بلمسة من سبابته، فتدور سريعًا حتى يختلط ماؤها بيابستها، وتمتزج فيها الحدود، وتبقى كذلك إلى أن يهدأ الدوران وتعود للركود!- اختلاط الماء باليابسة على مجسم الأرض، كاختلاط الليل بالنهار على أرض الواقع، فالأرض لم تعد تنام مطلقًا!- حين يدور كوكب الأرض بفعل فاعل، فإن تقلب الأحداث المتسارع يستعصي على تحمل اليوم والليلة بالمعايير المعتادة، فنشعر بأن تقلب الليل والنهار أضعاف الواقع وكأنه فك الارتباط بينهما وبين الشروق والغروب.- وبدمج الواقع بمشهد إدارة مجسم الأرض نجد أن الاضطرابات السياسية المتسارعة، وحروب المصالح، والحسابات الفردية لكل دولة وضعت العالم في عين عاصفة لا تهدأ فكانت بمثابة تلك السبابة التي تدير العالم وتحرك الخرائط، وتخلط الحدود، وتستبدل الحلفاء بالأعداء، وتقيم علاقات جديدة وتخلق قوىً مؤثرة لعهد يصممه القوي لمخادعة العالم بالتكسب من خلاله، فإذا ما أدرك ما يريد وجد مبررات لإدارة الكرة الأرضية في الاتجاه الآخر وصنع نظامًا جديدًا يضمن استدامة الابتزاز السياسي المتأنق بالقانون والشعارات!- على أرض الواقع أيضا نحن -ومنذ سنوات- نتضجر من عصر السرعة الذي لم يكن يمهلنا لعمل كل ما نريد وتحقيق كل ما نحلم به مهما كان صغيرًا وبسيطًا، فماذا عنا اليوم والعالم يتغير كما تتغير واجهة موقع إخباري نشط بعد كل عملية تحديث نقوم بها ولو لم تستغرق سوى بضع ثوان!- ومع جنون العاصفة واستعار المطامع لم يعد مستغربًا أن يصفق الحضور لخطيب منبري وهو يستنكر الاتجار بالبشر رغم أنه نسق قبل الخطاب بدقائق عمليات إبادة تستهدف المستضعفين من البشر!- في نهاية الأمر نحن أمام العالم بنسخته المحدثة، ونتذكر أنهم حين وضعوا ما يسمونه بالنظام الدولي الجديد، قالوا إنهم بهذا النظام يقضون على العدوان البدائي ويحضرون المجتمعات البدائية التي عاشت على القتال من أجل لقمة العيش، واليوم وبعد عهود من التنظيم وتأسيس الهيئات والمنظمات واختراع المواثيق والتحالفات، نجد أنهم في الحقيقة لم يفعلوا أكثر من (تدويل) تلك الفكرة البدائية وتحويل عصابات قطاع الطرق لدول عظمى تعيش على قتل شعوب ونهب ثرواتها بالقانون وبالسلاح إذا لزم الأمر!