الشهرة تغطي على العيوب

الشهرة تغطي على العيوب
أشار انتخاب دونالد ترامب لتحول هائل في المزاج العام أدى لخلل في دقة قياس الرأي العام واختيار الرؤساء الأمريكيين ولن أجازف إن اعتبرت ما حدث ثورة شعبية عبرت عن نفسها بالصراخ ضد الفقر وضد السياسات التي أدت إليه وفى الحقيقة إن نسبة تقارب نصف الشعب الأمريكي حانقة ولا تمتلك ألف دولار بحساباتها، وظلت تعايش انخفاضاً حاداً في جودة الحياة والمعيشة ومتوسط العمر ،وفي الحقيقة صارت أمريكا أولى دول أو إي سي دي( OECD ) في فقر الأطفال كما أن البنية التحتية الأمريكية من طرق ومدارس ومستشفيات وخدمات الماء والكهرباء في تدهور تجسده مؤشرات ومظاهر اقتصادية واجتماعية سالبة مثل السجون المكتظة بالمنحرفين لأسباب اقتصادية وارتفاع معدلات الإدمان ومتعاطي المخدرات وما تقود إليه من سفك دماء فضلاً عن نمو ظواهر متطرفة تغذي الكراهية للأعراق ويقتل فيها الأمريكي مواطنه الأمريكي على الهوية أو بقصد السرقة فيما يمكن تسميته بالإرهاب الداخلي ،وهذه الظواهر في مجموعها أمثلة تحركها سياسات اقتصادية فهمها السيد ترامب ولعب على أوتارها الحساسة فانتفضت الغالبية العظمى ضد المؤسسة وضد ملاك الشركات القوية وضد فئة لا تعادل سوى 1% من السكان ،وحقيقة هذه شركات يقود تفكيرها ما يقود شركات الاستشارات وهو خدمة أهدافها وأهداف ملاكها سواء بشركات ماكينزي أو بوسطن كونسلتنق.لا شك أن ردود الأفعال التي نسجت هذه التحولات الاجتماعية حفرت عميقاً في مقومات استقرار المجتمع الأمريكي وما يحدث يشير إلى أن الكيل طفح ومثله استفتاء بريطانيا التاريخي لمغادرة الاتحاد الأوربي فهو إنذار ومؤشر للميل نحو اليمين وقد فهم السيد ترامب الإشارات وطرح نفسه على (يمين) اليمين وركب الموجة وأدرك أن نمو الحركات اليمينية الفرنسية والبريطانية فضلاً عن الألمانية والنمساوية موجة جديدة تستلزم المزايدة في معاداة الآخر ولا يخالجني شك أن السبب اقتصادي يعكسه الاستغلال والاستحواذ على الثروات مما أجج الغضب والحنق ضد الآخر ،والاقتصاد عرف بقوة وقعه سلباً على جيب الفرد ومعيشته. وإذا كان لهذا نصيب من صحة وهو صحيح فإن الجهات الاستشارية التي قادت بأفعالها إلى نتائج استفتاء بريطانيا لمغادرة السوق الموحد هي نفسها أدت إلى نجاح ترامب ورغم نفيها فإن هناك مؤشرات تؤكد الاستعانة بها وتصديق ما تقول ،ولهذا أميل إلى عتاب أصدقائي من متخذي القرار الاقتصادي في استخدام آراء مؤسسات استشارية ثبت أن وصفاتها تؤدي لنقل الثروات من الغالبية إلى قلة وهي وصفة للأزمات الاقتصادية وقد قابلت الأسبوع الماضي مناديب شركة من الشركات الاستشارية الكبرى وبعد الترحيب والاستماع ربطت بين إفاداتهم واستطلاعات الرأي التي رجحت فوز كلينتون على ترامب ،فكذبها الواقع فاستنتجت إن من يفشل في قياس ميول الرأي العام المحلي في أمريكا يستحيل عليه استيعاب تعقيدات السوق المحلي وخصوصية المستهلك، ولكن الشهرة تغطي العيوب، ولكن الاستنتاج غذى افتراضات سابقة بأننا في بعض الأحيان لدينا ميل للرهان على الغربي لأنه بعيون خضر ولونه (بمبا).

أخبار ذات صلة

«اسحب على الجامعة يا عم»!!
حكاية مسجد في حارتنا..!!
شر البلية ما يُضحك
أطفالنا والشاشات
;
الرد على مزاعم إسلام بحيري في برنامجه إسلام حر
السعودية ومرحلة الشراكة لا التبعية
جلسات علمية عن الخلايا الجذعية
الشقة من حق الزوجة
;
المزارات في المدينة المنوَّرة
خطورة المتعاطف المظلم!
خطورة المتعاطف المظلم!
لماذا يحتاج العالم.. دبلوماسية عامة جديدة؟!
أدب الرحلات.. والمؤلفات
;
كيف نقضي على أساليب خداع الجماهير؟!
المتقاعدون والبنوك!!
د. عبدالوهاب عزام.. إسهامات لا تُنسى
فلسفة الحياة.. توازن الثنائيات