مؤتمرُ باريس للسلامِ بلا نتيجةٍ



* البيانُ الختاميُّ لمؤتمرِ باريس الأخيرِ والخاصِّ بالنزاعِ العربيِّ - الإسرائيليِّ أكَّدَ علَى: «أنَّ الحلَّ الوحيدَ للصراعِ الفلسطينيِّ - الإسرائيليِّ، والتَّوصل إلى سلامٍ شاملٍ في الشرقِ الأوسطِ هُو إنشاءُ دولةٍ فلسطينيَّةٍ مستقلَّةٍ، تتعايشُ معَ إسرائيلَ جنبًا إلى جنبٍ»، هذَا إلى جوانبَ أخْرَى كدعوةِ كلٍّ مِن الفلسطينيِّينَ والإسرائيليِّينَ إلَى عدمِ اتِّخاذِ إجراءاتٍ أُحاديَّةِ الجانبِ، وضرورةِ التمسُّكِ بحلِّ الدَّولتَينِ، وأهميَّةِ مبادرةِ السلامِ العربيَّةِ التي قدَّمتهَا المملكةُ العربيَّةُ السعوديَّةُ لمؤتمرِ القمَّةِ العربيِّ فِي بيروت 2002م، وتبنَّاهَا المؤتمرُ.


الرئيسُ الفرنسيُّ فرانسوا هولاند كانَ قدْ أكَّدَ فِي كلمتِهِ فِي المؤتمرِ علَى: «أنْ تكونَ النَّوايَا واضحةً، وأنَّ المهمَّةَ ليستْ في إملاءِ الشروطِ علَى أطرافٍ معيَّنةٍ، وأنَّ المفاوضاتِ المباشرةَ بينَ الفلسطينيِّينَ والإسرائيليِّينَ هِي التِي يمكنُ أنْ تؤدِّي إلى السلامِ، وأنَّ حلَّ الدَّولتَينِ ليسَ حلمًا مِن الماضِي، وأنَّ المجتمعَ الدَّوليَّ متمسِّكٌ بِهِ».

بدورِهَا رأت السلطةُ الفلسطينيَّةُ فِي المؤتمرِ بإجمالِهِ وبيانِهِ الختاميِّ «ربَّمَا يكونُ الفرصةَ الأخيرةَ لتنفيذِ حلِّ الدَّولتَينِ»، بحسبِ تصريحِ الرئيسِ الفلسطينيِّ محمود عباس. كمَا وصفَ أمينُ سرِّ اللجنةِ التنفيذيَّةِ لمنظمةِ التحريرِ الفلسطينيَّةِ صائب عريقات بيانَ المؤتمرِ «بأنَّهُ أكَّدَ علَى ضرورةِ إنهاءِ الاحتلالِ الإسرائيليِّ، وأنَّ الزخمَ في مشاركةِ الدولِ وإجماعِهَا علَى رفضِ الاحتلالِ والاستيطانِ، وضرورةِ الالتزامِ بالقوانينِ الدوليَّةِ والإنسانيَّةِ رسالةٌ موجهةٌ إلى إسرائيلَ بأنَّه لا يمكنُ تحقيقُ السلامِ والاستقرارِ في المنطقةِ والعالَمِ دونَ إنهاءِ الاحتلالِ الإسرائيليِّ لفلسطينَ».


واعتبرَ عددٌ من المحلِّلينَ والسياسيِّينَ العربِ «أنَّ المؤتمرَ أعادَ القضيَّةَ الفلسطينيَّةَ إلى الضوءِ بعدَ تهميشِهَا دوليًّا، وإقليميًّا، فِي ظلِّ الصراعاتِ التِي تشهدُهَا المنطقةُ، ومواصلةِ إسرائيلَ انتهاكَ القانونِ الدوليِّ، وأنَّ المؤتمرَ وضعَ حجرًا جديدًا علَى جدارِ إبداءِ الرغبةِ فِي التسويةِ».

هذَا التفاؤلُ، وإنْ كانَ محقًّا وطبيعيًّا، فِي ظلِّ عددِ الدولِ المشاركةِ في المؤتمرِ وبيانِهِ الختاميِّ الواضحِ والصريحِ فيمَا يتعلَّقُ بالحقوقِ الفلسطينيَّةِ، إلاَّ أنَّه لا يشكِّلُ أكثرَ مِن مجردِ مؤتمرٍ وبياناتٍ وتصاريحَ بغيرِ نتيجةٍ تُذكرُ، خاصَّةً فيمَا يتعلَّقُ بإجبارِ، والتزامِ إسرائيلَ احترامَ تلكَ الحقوقِ. فإسرائيلُ نفسهَا لمْ تحضر المؤتمرَ، وقاطعتهُ بإصرارٍ، رغمَ توجيهِ فرنسَا الدعوةَ لهَا، كمَا أنَّ دولاً كُبرَى مثل الولاياتِ المتَّحدةِ الأمريكيَّةِ، وبريطانيَا لا توافقَانِ علَى تفاصيلِ بيانِ المؤتمرِ الختاميِّ، فهذِهِ بريطانيَا، ومعهَا أستراليَا، لم توقِّعَا البيانَ بحجَّةِ أنَّ لديهَا تحفظَّاتٍ علَى بعضِ فقراتِهِ.

مؤتمرُ باريسَ، وإنْ حظَي بدعمٍ وزخمٍ دوليٍّ كبيرين، لنْ يكونَ سوَى محطةٍ أخْرَى تُضافُ إلى الملفِّ الضَّخمِ مِن القراراتِ والبياناتِ والتصاريحِ الخاصَّةِ بالحقوقِ الفلسطينيَّةِ، ولنْ تكونَ لهُ أيُّ نتائجَ فعليَّةٍ علَى أرضِ الواقعِ؛ مَا لمْ تُلزمْ إسرائيلُ وبالقوَّةِ بضرورةِ احترامِ تلكَ الحقوقِ، والموافقةِ علَى حلِّ الدَّولتَينِ، وإنشاءِ دولةٍ فلسطينيَّةٍ مستقلَّةٍ علَى الأراضِي التِي احتلَّتهَا في حربِ 1967م، وأنْ تكونَ القدسُ العاصمةَ الفلسطينيَّةَ بلاَ قيودٍ، ولا شروطٍ، كما دعت المبادرةُ العربيَّةُ للسَّلامِ.

أخبار ذات صلة

قراءة متأنية لرواية «رحلة الدم» لإبراهيم عيسى (3)
لماذا إسبانيا؟!
الموانئ والجاذبية في الاستثمار
احذروا ديوانيَّة الإفتاء!!
;
قصة عملية مياه بيضاء..!!
منتجات المناسبات الوطنية!
القيادة.. ودورها في تمكين المرأة للتنمية الوطنية
الرُهاب الفكري!
;
(1) رجب.. ووهم فجوة الأجيال
علماء ساهموا في بناء الحضارة الإنسانية
في ذكرى اليوم الوطني الرابع والتسعين
رسالة نافذة
;
صهــــرجة
النافذة المكسورة!!
التنمية.. والسياحة
مبادرة سعودية رائدة.. تُعزز القطاع غير الربحي