تركي الفيصل: الإعلام من أمضى الأسلحة الحديثة وعلينا تحصين أبنائنا
تاريخ النشر: 03 مارس 2017 03:03 KSA
حذر صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية من استغلال جماعات الإرهاب لوسائل الإعلام الحديثة في تضليل النشء والشباب، وترسيخ نزعات العنف والعدوان في نفوسهم، قائلا: هناك «فاحش»، وما أدراك ما «فاحش»، التي تستغلّ هذه الوسائل، وترمي بشراكها لتصيّد ضعفاء النفوس، وتوجيههم إلى الشرّ بعينه عبر الفضاء الإلكتروني.
وأكد سموه أن سلاح الإعلام في عصرنا الحديث هو من أمضى الأسلحة وأخطرها في ظلّ عولمة إعلامية غير مسبوقة في التاريخ البشري؛ ففي عالم اليوم لم يعُد الخبر، أو المعلومة، أو الحادثة، أو القضية، أو الدعاية، أو حتى الكلمة، موضوعاً وطنياً، بل هو موضوع عالمي.
جاء ذلك خلال كلمة سموه في افتتاح منتدى «الطفولة والإعلام المعاصر»، الذي أقامته جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بالرياض أمس الخميس، والتي أثنى فيها على ما حققته جامعة الأميرة نورة في الرياض، وجامعة عفّت للبنات في جدة من تطلعات، مثمنا الدور المبكر لجامعة الأميرة نورة وريادتها في تبني قضايا الطفولة والاهتمام بها، والتي تنعكس على السياسات العامة المعنيّة بتربية وتنشئة وتعليم وتحصين بناتنا وأبنائنا؛ ليكونوا قادرين على مواجهة تحديات هذا العصر الجديد، والتكيّف مع متطلباته بما يحقّق تطلّعاتهم وتطلّعات مجتمعنا الخيّرة.
وقال الأمير تركي إن القلق الذي ساور جيل التلفزيون تجاه تأثيراته في الأطفال والنشء والشباب لا يُقارن بالقلق الذي تعيشه مجتمعات اليوم بسبب الثورة التكنولوجية التي شهدها العالم خلال العقود الثلاثة الماضية في مجال تقنية المعلومات ووسائل الاتصال. مشيرا سموه إلى كثير من الآراء العلمية التي تؤكد أن وسائل الإعلام هي القوة المهيمنة في حياة كثير من الصغار، وأن لها تأثيرات سلبية كبيرة عليهم، منها: ترسيخ نزعة الفردانية، وتعزيز نزعة العنف، وإيجاد عالم افتراضي لا يمثّل الواقع، وكذلك انحراف السلوك، والتفكّك الأسري، وغياب الحميمية في العلاقات العائلية، وتحدّي قيمْ العائلة والمجتمع والدين، وتسهيل استغلال الأطفال، وغير ذلك كثير.
وأكد سموه قائلا: إننا في المملكة لسنا استثناءً مما يجري في هذا العالم الواحد المتشابك والمتداخل؛ فنحن عُرضة للمخاطر نفسها التي تتعرّض لها المجتمعات الأخرى، وأطفالنا معرّضون للسلبيات نفسها التي يتعرّض لها أطفال العالم من جرّاء الانفتاح المعلوماتي والإعلامي، الذي لا تقف أمامه أيّ حواجز أو معوّقات. وإذا كانت المملكة سبّاقةً في توظيف هذه الوسائل واستخدامها خدمةً لأغرضنا التنموية في جميع المجالات، فقد كان التحذير من سلبياتها طاغياً، خصوصاً في عهد التلفزيون، لكننا، بحمد الله، وبفضل ما اتّخذته الدولة من سياسات، لم نتأثّر كثيراً من سلبياته المُفترَضة.
مشددا: لا يمكننا الانغلاق، ولا ينبغي لنا ذلك، وإنما لا بدّ من إجراء بحوث ودراسات معمّقة تفيدنا بحقيقة هذه الظواهر، والعمل على تطوير سياسات عامة للتعامل معها بحكمة. وينبغي لجامعاتنا، وجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بالتحديد، أن تكون في طليعة هذه الجهود. وعلينا أيضاً العمل على تحصين أبنائنا، وترسيخ هويّتهم وقيمهم الدينية والاجتماعية، لكن بالأساليب نفسها التي يتلقّون من خلالها الرسائل التي تأتي بها الوسائل الإعلامية. وكانت الدكتورة هدى بنت محمد العميل مديرة جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن قد افتتحت منتدى الطفولة والإعلام المعاصر، بمشاركة الأمير تركي الفيصل ومعالي الشيخة مي آل خليفة، والعديد من أصحاب السمو الأميرات والأكاديميين من جامعة هارفارد وجامعة الملك سعود وجامعة الأميرة نورة، ووزارة الداخلية، وبحضور نخبة من الكتاب والكاتبات والقيادات المتميزة، وذلك لثلاثة أيام متتالية بمركز المؤتمرات بالجامعة. احتوى المنتدى على العديد من الجلسات الهامة في مجال الإعلام والطفولة، حيث استهل المنتدى أولى جلساته بكلمة مديرة الجامعة التي ذكرت من خلالها أن المنتدى يأتي استكمالا لالتزام الجامعة بقضايا الطفولة المعاصرة وأهمية مساهمة الجامعات في تحقيق رؤية 2030 التي تؤكد على دور الأسرة وبناء شخصيات الأبناء للحصول على مجتمع حيوي ببنيان متين.