تفعيل دور المنبر
تاريخ النشر: 13 مارس 2017 01:05 KSA
* في مسائية أخوية وبين عدد من المثقفين أثار شيخ تساؤلاتٍ عدة عن قضايا مجتمعية متداولة بقوة في وسائل التواصل الاجتماعي وردود فعل المجتمع تجاهها ،وسأل عن كيفية معالجتها من على المنبر كونه إمام مسجد جامع.
تقافزت الآراء وتناثرت الاقتراحات ،وكلها تعبِّر عما يحمله هذا أو ذاك من فكر وخلفية معرفية وحياتية، وكان هناك شبه إجماع بأهمية دور منبر الجمعة في معالجة هكذا إشكالات. وللحق وللتاريخ فإن منبر الجمعة وهو يعتبر أهم وسيلة تواصل وأهم وسيلة إعلامية معاصرة تفوق في تأثيرها كل وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التقليدي، يجب أن يكون أحد المرتكزات الأساسية والكبرى في معالجة قضايانا التنموية بكل ألوانها وأشكالها، مجتمعية، اقتصادية، تعليمية، أمنية، فكرية إلى آخره.
ما يميز المنبر عن غيره من وسائل التواصل التصاقُه الأبدي بالدين ،في حين أن الوسائل الأخرى يُنظر إلى كثير منها على أنها شأن دنيوي بحت.
فالمتلقي وهو يدخل إلى المسجد للصلاة والاستماع إلى خطبة الجمعة هو في حالة روحانية رفيعة تربطه بربه سبحانه وتعالى ،وهو يدرك أنه وهو في هذا المكان المقدس إنما يستمع إلى تعاليم ربانية منبعها الشريعة ،وأن من يرسلها إنما هو رجل مخوَّل بإمكانياته والتزامه الديني بشرح وتفصيل تلك التعاليم ،وبالتالي فالمتلقي يقبلها بدون جدال أو نقاش، بعكس تعامله مع ما تنشره أو تبثه وسائل الإعلام التقليدي أو التواصل الاجتماعي ،فهو يدرك أن مرسلها ومنبعها بشري دنيوي وبالتالي من حقه مجادلتها والتشكيك أو التصديق بها.
هذه الطبيعة والأهمية لمنبر الجمعة تفرض وتحتم على كل المؤسسات القائمة عليه سواء وزارة الشؤون الإسلامية أو الجامعات أو الأئمة أنفسهم أن يفعِّلوا دور المنبر بالأنظمة والضوابط والاختيار الدقيق من قبل الوزارة والإعداد والتأهيل من قبل الجامعات كون أغلب خطباء الجمعة من خريجيها، إضافة إلى الأئمة بالانفتاح على المعرفة بكل حقولها والاستعانة بالخبراء لتنويرهم فيما يشكِل عليهم وتوسيع النظرة إلى قضايا المجتمع الملحة وعدم الاقتصار على الوعظ الديني وإدراك أن الإسلام دين حياة وليس تعبداً فقط ،وهو ما يتطلب الإلمام بكل جوانب الحياة ومناقشتها وإيجاد السبل الكفيلة بضمان وجود مجتمع إنساني تسوده الفضائل والنظام.