الأقلام المستأجَرة تثبت جفاف المحبرة



هَل وَصلَت الشُّعوب الخَليجيَّة إلَى مَرحلة مُتقدِّمة مِن الادِّعَاء؛ ونِسبة الأشيَاء إلَى نَفسِهَا مِن غَير أَنْ تَفعلها؟، مِثل أَنْ يَشتَري الشَّاعِر قَصيدَة، ونَاقص المَوهبَة لوحَة، أَو لُجوء مَن لَا يُجيد الكِتَابَة؛ إلَى استئجَار مُقَاولين مِن البَاطِن، أَو مِن تَحت الطَّاولة، ليَكتبوا لَه..!


إنَّ حَالة شِرَاء المُنتجَات الفِكريَّة والإبدَاعيَّة؛ مَرحلة مُتقدِّمة مِن التَّرَف، ولَا تُوجد فِي المُجتمعَات الفَقيرة؛ لأنَّ الفُقرَاء لَا يَستَطيعون شَراءها، كَمَا أنَّهم -مِن جِهةٍ أُخرَى- مَشغُولُون فِي تَحصيل لُقمة العَيش، التي تُعينهم عَلَى مُواصَلة الحيَاة..!

لقَد أَصبَح سَائِدًا لَدَى عمُوم العَرَب؛ أَنَّ نَماذِج كَثيرة مِن أَهل الخَليج، يَستَأجرون مَن يَكتب لَهم القَصيدَة أَو المَقَالَة، ويَستَأجرون مَن يَرسم لَهم اللوحَة، بَل ويَستَأجرون مَن يُلحِّن لَهم الأُغنية أَيضًا، حَتَّى أَضحَى مِثل هَذا الفِعل يَرِدُ عَلى أَلسنة وكِتَابَات العَرَب، وكَأنَّ الظَّاهِرَة شَائِعَة..!


تَأمَّلوا مَا ذَكره الأُستَاذ «أسامة غريب»، فِي كِتَابه «مِصر لَيست أُمِّي.. دِي مِرَات أَبويَا»، عَن صَديقه الذي يَعمل فِي دَولَة خَليجيَّة، قَائِلاً: (استَلمتُ رِسَالة مِن أَحَد أَصدقَاء شلّة الكويت، أَسعَدتني جِدًّا، كَاتبها روَائي مِصري، ارتحَل إلَى الخَليج وَرَاء لُقمة العَيش، وقمَع مَشروعه الأَدبي، فأمضَى بالغُربَة سَنوَاتٍ طوَالاً، ووَضَع مَوهبته فِي خِدمة الأشقَّاء.. يَكتب الافتتَاحيَّة التي يَضع رَئيس التَّحرير اسمه عَليهَا، كَما يَكتب لمُدير التَّحرير، وسِكرتير التَّحرير، نزُولاً حَتَّى بَوَّاب التَّحرير! فَرحتُ بالرِّسَالة، وكَتبتُ لَه رَدًّا مُطوَّلاً، ثُمَّ صَار التَّراسُل بَيننَا عَبر البَريد الإلكترونِي أَمرًا مُتَّصلاً)..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي أَن نَقول: لَيسَت المُشكِلَة فِيمَن يَشترون القَصَائِد، أَو الذين يَستَأجرون مَن يَكتب لَهُم المَقَالات، لَكن المُشكِلَة صَارت تُواجه أمثَالي، ممَّن يَكتبون ويَقرأون -لَيل نَهَار- كَي يُطوِّروا أَنفسهم، حَيثُ يَجب أَنْ نُقدِّم إثبَات بَرَاءَة، وصَكَّ إثبَات كِتَابة، إلَى كُلِّ المُثقَّفين العَرَب، الذين نُقَابلهم، لدَرجة أنَّني إذَا قَابلتُ أَحدَهم، أُقسِم لَه بأنَّني أَكتُب بيَميني، وأَكسَب مِن حِبر وعَرَق جَبِينِي، ولَا يُوجد مَن يَكتب لِي، و(خَيركُم مَن كَسِبَ مِن عَمَل يَده)..!!

أخبار ذات صلة

شهامة سعودية.. ووفاء يمني
(مطبخ) العنونة الصحفيَّة..!!
رؤية وطن يهزم المستحيل
ريادة الأعمال.. «مسك الواعدة»
;
هل يفي ترامب بوعوده؟
رياضة المدينة.. إلى أين؟!
جيل 2000.. والتمور
التراث الجيولوجي.. ثروة تنتظر الحفظ والتوثيق
;
قصَّة أوَّل قصيدة حُبٍّ..!
حواري مع رئيس هيئة العقار
الحسدُ الإلكترونيُّ..!!
مستشفى خيري للأمراض المستعصية
;
الحُب والتربية النبوية
سلالة الخلايا الجذعية «SKGh»
التسامح جسور للتفاهم والتعايش في عالم متنوع
التقويم الهجري ومطالب التصحيح