«ومِن شرّ حاسدٍ إذا حَسَد»

في هذه الآية الكريمة تقرير لحقيقة الحسد، وأنه في مرتبة ممارسة السِّحر، وهو شرّ بحت، يدعو الله عباده للتعوّذ منه، وتعريفه: اشتداد حبّ أحدهم زوال نعمة الله عن الآخر، وهو مِن فِعل اليهود، حيث مَنعهم الحسد من الإيمان بما نزل على النبي محمد (صلى الله عليه وسلّم) وهم يعرفون أنه الحق.

ومن الحسد تمنـّي عدم حصول النعمة للآخرين، وهو أمرٌ غاية في الانحطاط الإنساني والسقوط الأخلاقي، حيث لا تضرُّ الحاسد حصول النعمة ولا زوالها عن غيره، وفيه اعتراضٌ على أمر الله وسخطٌ على قضائه وعطاياه، وهو بخلاف معنى الغبطة المحمودة المذكور في الحديث الشريف: «لا حَسَد إلا في اثنتينِ: رجلٌ آتاهُ الله مالاً فسلّطهُ على هَلكَتهِ في الحقّ، ورجلٌ آتاهُ الله حِكمةً فهو يَـقضي بـِها ويُعلّمها».


والحسد، أول معصية عُـصي الله بها حين حسد إبليسُ آدمَ عليه السلام، فهو خصلة إبليسية، ونبتة شيطانية، وإعجاب المرء بنفسه بالرغم من عُـقد نقصه، وانعدام ثقته بنفسه، وهو معصية قلبية لا تظهر، لكن في أحيان كثيرة لا يملك الحاسد زمام لسانه فينطلق بالبغضاء، كما في قوله تعالـى: (قد بَدتِ البغْضاءُ من أفوَاهِهمْ، وما تُخفِي صُدورُهم أكبـَر)، فالفَطِن من يتنبـّه لهذه الخصلة لدى الناس من حوله، ويحذر مكْرَهم.

الحسد كِبـْر وحريقٌ في قلب الحسود، يزيد اشتعالاً بعطاءات الله لغيره، فلا يهدأ إلا بإيقاع الضرر عليه، وإيراده المالك، فالحاسد يعاني من عدم الرضا عن حالهِ وشدة السُّخط من حال غيـره، فتجده مُتملمِلا قلِقا، لا يهدأ له حال ولا يستقرُّ له بال، يكيد لغيره المكائد، ويحيكُ له الضرر، وهذا أمر منتشر في المجتمعات الوظيفية وبين الأقران، وخاصة في مجتمعات يتفشّى فيها الظلم الفئوي، ويقلّ لديها وازع الإيمان والقناعة، ويأخذ أشكالًا عديدة، منها العيـْن -والعيـْن حق- ومنها الوِشاية والنميمة والتـرصّد والمراقبة، لذلك شرع الله للمسلم التحصّنَ به سبحانه من شرّ كلّ ذي شرّ، والتعوّذَ به بقراءة المعوذتين والإكثار من ذكره، وبذل الصّدقات، وتجاهل الحاسد والبعد عنه، والصبـر على حسده، وكما قال الشاعر:


اصبِـر على كيـْد الحسُود فإنّ صبـْرك قاتلُه

كالـنّار تأكلُ بعضَها إن لمْ تـَجد ما تأكلُه

أخبار ذات صلة

قصص.. تاريخنا يُكتب بأيدينا
(هي سكنٌ لكنَّها متحرِّكة جدًّا ومتميِّزة أبدًا)
حقيبة الوزيرة.. مسروقة!!
مياه البحر للاستخدام المنزلي
;
"جابرةُ الخاطر" لها الجنَّة
الزَّواج هياط أم مودَّة ورحمة؟!
قراءة متأنية لرواية "رحلة الدم" لإبراهيم عيسى (2)
لفتة كريمة ودعم للأنشطة التجاريَّة
;
ترشيح «هيتلر» لنيل جائزة نوبل للسلام العالمي!!
الكثير من الخرنوب
حتى لا نفقد أفياء فيفاء!
‏السعودية.. مصدر إشعاع للإنسانية
;
أوقفوا الصيادلة المروِّجين!
حول كاريزما البشر.. وكاريزما الدول
كفاية حرام!!
كيف تحصل على وظيفة؟!