وثبة «ساق البامبو» الروائية تفضح هشاشة الهوية

هُنَاك روَايَاتٌ تَقرأهَا، فلَا تَخرج بكَبير فَائِدَة، فتَشعُر بأنَّكَ قَرأتَ صَفحَاتٍ؛ تُشبه أَعوَاد قَصَب السُّكّر الكَثيرة، حَيثُ يَجب أَنْ تَعصر عَشرَات الأعوَاد، لتَحصل عَلى كوبٍ وَاحِد مِن العَصير..!

لَكن روَاية «سَاق البَامبو»، للرّوَائي الكِويتي القَدير «سعود السنعوسي»، مِن الرّوايَات التي يَتوقَّف عِندهَا القَارئ كَثيرًا، لَيسَ لأنَّها فَازت -عَام 2003م- بأَفضَل جَائِزَة عَربيَّة للرّوايَة، وهي جَائِزة البُوكَر، بَل لأنَّها تَطرَح أَسئلة الهويَّة بكُلِّ أَشكَالهَا، سَوَاء كَانت الهويَّة الوَطنيَّة، أَو الهويَّة الدِّينيَّة، أَو الهويَّة الثَّقَافيَّة، أَو الهويَّة الاجتمَاعيَّة، بَل حَتَّى الهويَّة الشَّخصيَّة، مِثل الاسم، ولَون العَينين، وشَكْل البَشرَة..!


روَاية «سَاق البَامبو» -باختصَار-، تَحكي حِكَاية الشَّاب الكِويتي، «راشد بن عيسى الطاروف»، الذي أَحبَّ خَادِمَة فلبينيَّة وتَزوَّجها، وأَنجَب مِنهَا ابنًا سَمَّاه بالعَربيَّة «عيسى»، وباللُّغَة المسيحيَّة «خوزيه»، تَيمُّنًا بالبَطَل الفلبِّيني القَومي «خُوزيه رِيزَال»، وحِين تَعلم جَدَّته «مَامَا غنيمة» قصّة الزَّوَاج، تَغضَب عَلى ابنهَا، وتَطلب مِنه تَرحيل الوَلد وأُمّه إلَى الفلبِّين، وبَعد ذَلك بسنوَاتٍ، يَموت الزّوج «راشد»، ويُدفن فِي مَقبَرَة جَمَاعيَّة، بَعد الغَزو العِرَاقي للكويت عَام 1990م..!

أَحداثٌ كَثيرة حَصَلَت، أَتقَن الرّوائي «السّنعوسي» فِي سَردهَا، وإشكَالاتٌ كَثيرة، وتَناقُضَات مُثيرة، أَجَاد نَقلها فِي قَالبٍ شَيِّق، خَاصَّة بَعد أَنْ عَاد الابن «عيسى» إلَى الكويت، ووَجَدَ مُعَارضة مِن قِبَل أُسرة وَالده، لَولا تَدخُّل أُخته غَير الشَّقيقَة «خولة»، وعَمّته «هند»..!


الرّوايَة حُوِّلت إلَى مُسلسل، عُرِض العَام المَاضي فِي شَهر رَمضَان، ولَكن المُسلسل -كالعَادَة- لَم يَعكس حَقيقة الرّوايَة، ورَوعة سَردهَا وجَمَال أَفكَارهَا، لأنَّ المُسلسل -باختصَار- رَكَّز عَلى رَمزيّة الجَدّة «غنيمة»، وتَجَاهل الابن «عيسى»، البَطَل الحَقيقي للرّوايَة..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول: إنَّ روَاية «سَاق البَامبو»؛ مِن أَخطَر الرّوايَات التي كُتبت فِي العِشرين سَنَة الأَخيرة، لأنَّها طَرَحَت أَسئلة الهويَّة، وكَيفيَّة مُواجهة الزَّواج، حِين يَكون طَرفَاه مِن بَلديْن مُختَلفيْن، أَو مُعتقديْن مُختَلفيْن، ومِثل هَذا الزَّوَاج -بالمُنَاسبة- يَنتَشر كَثيرًا في مَنطقة الحِجَاز..!!

أخبار ذات صلة

«اسحب على الجامعة يا عم»!!
حكاية مسجد في حارتنا..!!
شر البلية ما يُضحك
أطفالنا والشاشات
;
الرد على مزاعم إسلام بحيري في برنامجه إسلام حر
السعودية ومرحلة الشراكة لا التبعية
جلسات علمية عن الخلايا الجذعية
الشقة من حق الزوجة
;
المزارات في المدينة المنوَّرة
خطورة المتعاطف المظلم!
خطورة المتعاطف المظلم!
لماذا يحتاج العالم.. دبلوماسية عامة جديدة؟!
أدب الرحلات.. والمؤلفات
;
كيف نقضي على أساليب خداع الجماهير؟!
المتقاعدون والبنوك!!
د. عبدالوهاب عزام.. إسهامات لا تُنسى
فلسفة الحياة.. توازن الثنائيات