هذا ما جنته يداها

في الزلزالِ السياسيِّ الذِي ضربَ المنطقةَ بإقدامِ المملكةِ العربيَّةِ السعوديَّةِ وشقيقاتِها، دولةِ الإماراتِ العربيَّةِ المتَّحدةِ، وجمهوريَّةِ مصر العربيَّة، ومملكةِ البحرين، والدولِ الأخرَى، بقطعِ العلاقاتِ الدبلوماسيَّةِ، وما يتبعُها من إجراءاتٍ، لا يلومنَّ أحدٌ نفسَهُ سوَى حكَّامِ دولةِ قطر.. فالشواهدُ والدلائلُ المتوفرةُ والبارزةُ للعيانِ في أيَّامِنا هذِهِ، تُوضِّحُ كيفَ أنَّ قطرَ، وعلَى مدَى أكثرِ من عقدَينِ من الزَّمنِ، لم تُراعِ حُرمةَ الجوارِ، ولمْ تأبهْ لحقوقِ الأخوَّةِ وتلازمِ المصيرِ، وظنَّ قادتُهَا أنَّ ذكاءَهم يفوقُ أقرانَهم من الأشقاءِ والجيرانِ، فتقافزُوا فوقَ كلِّ الحبالِ كالأراجوزاتِ، ومارسُوا تناقضاتٍ تستعَصِي علَى الفهمِ السليمِ، ناهيكَ عن الثقةِ والأمانِ بينَ الأخوةِ والأشقاءِ.

في جانبٍ وتحتَ الأضواءِ الكاشفةِ يُؤيِّدُونَ حركةَ حماس، ويعتبرُونَها الممثَّلَ الشرعيَّ والوحيدَ للشعبِ الفلسطينيِّ، وفي الوقتِ نفسِهِ يُقيمُونَ علاقاتِ صداقةٍ حميمةٍ مع الكيانِ الصهيونيِّ، بفتحِ مكتبٍ يُسمُّونَه تجاريًّا، وهُو ليسَ سوَى سفارةٍ بكلِّ معانِي العملِ والأداءِ والفهمِ الدبلوماسيِّ، ويستقبلُونَ كِبارَ القادةِ الصهاينةِ في عاصمتِهم الدوحة، ثمَّ يخرجُونَ للعامَّةِ وللبسطاءِ بتصاريحَ وخطاباتٍ تمتلئُ بالدعوةِ لحفظِ الحقِّ العربيِّ، والقوميَّة العربيَّة، والأمَّة الواحدة، والمصير الواحد المشترك، كما تُعبِّر عنهَا برامجُ قناةِ الجزيرةِ القطريَّة.


وفي جانبٍ آخرَ، العالم كلّه يعلمُ ويُدركُ، وقد تكشَّفت الحقائق وبانت الشواهد، بأنَّ نظامَ الملالي في إيران أكبرُ داعمٍ للإرهابِ، وأنَّ العنصريَّةَ الفارسيَّةَ المقيتةَ لا تُقيمُ وزنًا لأمَّةِ العرب، بل تعتبرهم همجًا، ورعاةَ إبلٍ، وساكني صحارَى، ولكنْ لأنَّ الإسلامَ جعلهم واسطةَ العقدِ في الأمَّةِ الإسلاميَّةِ، «... خيرَ أمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ»، وجعلَ القرآنَ الكريمَ بلغتِهم، ولم يقبل الفرسُ بذلكَ سوَى تقية، فأخذُوا يُثيرُونَ القلاقلَ والثوراتِ في أرضِ العربِ، واستمالُوا في غباءٍ سياسيٍّ عددًا من أبناءِ العروبةِ بحجَّةِ المذهبيَّةِ، وإنصافِ المظلومِ، ورفعِ المظلوميَّةِ، وأنشأوا فرقًا إرهابيَّةً، كما في العراقِ، الحشد الشعبي، وفي لبنانَ، حزب الله، وفي اليمنِ، الحوثيون، ومع ذلكَ يخرجُ قادةُ قطر وعلانيَّةً بتأييدِ أفعالِ إيرانَ الإرهابيَّة، ويعتبرُونَها دولةً ضامنةً للاستقرارِ في المنطقةِ، كما في حديثِ أميرِ قطر الأخير.

ثمَّ تأتِي ثالثةُ الأثافي، بل وكارثةُ الكوارثِ، ففي الوقتِ الذِي تنتمِي فيهِ قطر لمجلسِ التعاونِ لدولِ الخليجِ العربيِّ الستِ، وتتشاطرُ معَ أشقائِهَا من قادةِ المجلسِ الحوارَ والإستراتيجيَّاتِ والرغباتِ في تطويرِ العملِ بينهم ليصلَ إلى مرحلةِ الاتِّحادِ الكاملِ استجابةً لشعوبِهم، يعملُ قادةُ قطر علَى زعزعةِ الأمنِ في هذِهِ الدولِ؛ بدعمِ فِرقٍ وجماعاتٍ إرهابيَّةٍ، تأتمرُ بإمرةِ الشيطانِ الأكبرِ دولة إيران، وتسييرهَا أهدافًا إرهابيَّةً خبيثةً للسيطرةِ على مُقدَّساتِ المسلمِينَ، وزعزعة استقرارِ شعوبِها.


كلُّ هذِه الأعمال لا مكانَ لهَا في عالمِ الأخوةِ والجوارِ والمصيرِ المشتركِ، بل مكانها الوحيد الأقبيةُ السوداءُ المظلمةُ، وهو ما رفضتهُ المملكةُ العربيَّةُ السعوديَّةُ وشقيقاتُهَا عندمَا بلغَ بِهم السيل الزبى، ولمْ يعدْ بالإمكانِ القبولُ بالتصرُّفاتِ القطريَّةِ، و»طفح الكيل»، كمَا أشارَ إلى ذلكَ وزيرُ الخارجيَّةِ الأستاذ عادل الجبير، فكانَ لابدَّ من وقفةِ حزمٍ في عهدِ الحزمِ، ليعي قادةُ قطر ومَن يؤلِّبهم بأنَّ هكذَا تصرُّفاتٍ وسلوكياتٍ ليس لهَا من ردٍّ سوى العزلِ والطردِ، وأضرارهمَا لا يتحمَّلها سوَى قادةِ قطر وحدهم.

أخبار ذات صلة

جدة.. الطريق المُنتظر.. مكة!!
إسراف العمالة (المنزليَّة)!
اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة
الإنسان النصف!!
;
من طوكيو إلى واشنطن بدون طيار!!
التعليم أهم رسالة.. والمعلم أهم مهنة
كوني قوية فلستِ وحدكِ
شهامة سعودية.. ووفاء يمني
;
(مطبخ) العنونة الصحفيَّة..!!
رؤية وطن يهزم المستحيل
ريادة الأعمال.. «مسك الواعدة»
هل يفي ترامب بوعوده؟
;
رياضة المدينة.. إلى أين؟!
جيل 2000.. والتمور
التراث الجيولوجي.. ثروة تنتظر الحفظ والتوثيق
قصَّة أوَّل قصيدة حُبٍّ..!