تنوُّع المشارب وتعدُّد المآرب!!

دَائِماً يَسألني النَّاس: هَل أَنتَ مِن عُشَّاق «طلال مداح»، أَم «محمد عبده»؟، هَل أَنتَ مِن أَنصَار القَصيدَة الحَديثة، أَم القَصيدَة الخليليَّة التَّقليديَّة؟، هل تُفضِّل الكِتَاب الوَرقي، أَم الإلكترُونِي؟، هَل تُحبّ اللَّحم المَشوي، أَم المَطبوخ؟... إلخ، هَذه الأَسئِلَة تُطرح عَليَّ وعَليكُم، وهي مُحاولة لنَزع روح الحِيَاد، التي يَجب أَنْ يَتحلَّى بِهَا كُلّ أَحَد، فالإنسَان النَّاضِج العَاقِل؛ يَنحَاز إلَى الجَمَال والخير والحَق، أَيًّا كَان مَصدره، ولَا يَحصر نَفسه فِي مُربّع مُعيّن، طَالما أنَّ الأمُور كُلّها، تَندَرج تَحت قَائِمة المُبَاحَات، التي يَنطَبق عَليها قَول المَولى –عَزّ وجَلّ-: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ)..!

بَعد ذَلك دَعوني أَستَشهد بقصّة، تَشرَح وتُفسِّر وتُعطي المَعَاني للفِكرة، التي أَودُّ الكِتَابَة عَنهَا.. تَقول القصّة التي وَردَت فِي مُذكِّرَات الأَديب «نجيب محفوظ»: (إنَّ المُفكِّرين المِصريين كَانوا يُفرِّقون -فِي نَظرتهم للأُوروبيين- بَين وَجههم الاستعمَاري القَبيح، والوَجه الحَضَاري المُشرق، وحَدَثَت مَعركة شَهيرَة بَين أَنصَار الاتّجَاه السَّاكسوني –أَي الإنجليزي- وعَلى رَأسهم «العَقَّاد»، وأَنصَار الاتّجَاه اللَّاتيني –


أَي الفِرنسي- وعَلى رَأسهم «طه حسين»، وكَان لكُلِّ فَريق حِججه ومُبرّراته، ولَم يَكُن لِي مَوقف شَخصي مِن هَذه المَعركَة، وعِندمَا دَخلتُ المَجَال الأَدبي، قَرأتُ فِي كُلِّ آدَاب العَالَم بلَا تَفرقة، ذَلك لأنَّني دَخلتُ مَجال الأَدَب؛ باعتبَاره أَدَب الأُسرَة البَشريَّة كُلّها، لَا أَدَب الإنجليز، أَو الفِرنسيين، حَيثُ كُنتُ أَتوقَّف أَمَام المَعَاني الأَدبيَّة، والمَضَامين الإنسَانيَّة، ولَيس أَمَام الجِنسيَّات، ولَم تَمنَعني وَطنيَّتي وانتمَائي لحِزب الوَفد، مِن تَعلُّم اللُّغَة الإنجليزيَّة، ولَم أَجِد أَي غَضَاضَة في ذَلك، كَما لَم أَجِد فِيهِ تَعارُضاً مَع الوَطنيَّة)..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!


بَقي القَول: إنَّني أَتمتَّع بكُلِّ المُبَاحَات، وأَتلذَّذ بكُلِّ فَضَاءَات الجَمَال التي أَصِل إليهَا، سَواء كَانت هَذه الفَضَاءَات مُدناً أَو أَطعِمَة، أَو ثَقَافَات أَو مَعارف أَو فنُون، ولَا أَنحَاز فِي كُلِّ ذَلك إلَّا للجَمَال، فإذَا أَردتَ البَحث عَن كَاتِب هَذه السّطور، فاسأَل عَنه فِي مَدينة الجَمَالِ والخَيرِ والحَقِّ..!!

أخبار ذات صلة

عقيقة الكامخ في يوم العربيَّة
قُول المغربيَّة بعشرةٍ..!!
في رحاب اليوم العالمي للغة العربية
متحف للمهندس
;
وقت الضيافة من حق الضيوف!!
السرد بالتزييف.. باطل
عنف الأمثال وقناع الجَمال: قلق النقد ويقظة الناقد
مزايا مترو الرياض
;
الرقص والنقص.. مرة أخرى!!
تكريم سمو الأمير خالد الفيصل
سوريا.. هل استوعبت الدرس؟
خمسة اعتقادات خاطئة عن السعوديين في بيئات العمل!
;
ترتيب الأولويات الدولية لدبلوماسيتنا الناعمة
العبقرية.. ليست بالفطرة أو الوراثة
قبل أن ينتهي عام 2024
تحديات وصعوبات