الاختلاف بداية الائتلاف!

تَقول العَرَب: (شَبيه الشّيء مُنجذبٌ إِليهِ)، وإذَا أَردنَا أَنْ نُزيد مِن الدِّيوَان قَصيدَة سنَقول: (الطّيور عَلَى أَشكَالِهَا تَقَع).. وإذَا تَوغَّلنَا فِي العِلم سنَقول: (كُلُّ إنسَانِ يَبحَث عَمَّا يُلائمه ويُشابهه)..!

هَذه الأمثَال تَدلُّ عَلَى أَنَّ الإنسَان؛ يَبحَث عَمَّن يُمَاثله ويُشَابهه، وهَذا خَطأٌ جَسيم، وخَللٌ مَعرفي عَظيم، فالإنسَان يَجب أَنْ يَبحث عَمَّن يَختلف عَنه، لأنَّه هو الذي يُشبهه، وفي ذَلك يَقول «جوتة»: (الاختلَافَات وَحدهَا هي التي تَتشَابه)..!


إنَّ الإنسَانَ الذي يَبحَث عَمَّا يُؤيِّد أَفكَاره وأَقوَاله، لَا يُضيف إلَى نَفسه جَديدًا، بَل إنَّه يَستَعين بالنَّظريَّة التي يُمارسها الشَّيطَان، حِين يُزيِّن للإنسَانِ سُوء عَمله..!

إنَّ الإنسَان العَاقِل الحَكيم؛ يُنَاقش مَن يَختلف مَعهم، حَتَّى يَصل إلَى المَعرفَة، ويُدرك الحَقيقَة، تِلك الحَقيقَة التي دَائِمًا تَقف فِي المُنتَصف؛ بَين الرَّأي والرَّأي المُضَاد..!


ولَكن، هَل نَحنُ فِعلًا نَبحَث عَن الحَقَائِق دَائِمًا؟، أَمْ نَبحَث عَمَّا يُؤيِّد أَفكَارنا؟، يُجيب عَن ذَلك الفَيلسوف الكَبير «ديل كارنيجي»، حَيث يَقول: (إنَّنا قَلَّما نَكون مَعنيِّين بالحَقَائِق، وإذَا حَدَث أَنْ حَاول أَحدنَا استخلَاص الحَقَائِق، فإنَّه يَتصيَّد مِنهَا مَا يُؤيِّد الفِكرَة الرَّاسِخَة فِي ذِهنه، ولَا يَأخذ مَا يَنقضها عَلى مَحمل الصَّوَاب؛ أَو مَحمَل الجِدّ عَلى الأَقَل، لأنَّه يَسعَى إلَى الحَقَائق التي تُبرِّر أَعمَاله، وتَتَّسق مَع أَمَانيه، وتَتَّفق مَع الحلُول السَّطحيَّة التي يَتشبَّث بِهَا)..!

إنَّ الإنسَانَ -بطَبيعته- يَبحث عَن الأشيَاء التي تُزيِّن أَفعَاله، وتُبرِّر أَخطَائه، ولَا يَرَى فِي ذَلك أَي تَناقُض مَع نَفسه، وقَد انتبَه إلَى هَذه «الحِتَّة»؛ الفَيلسوف «أندريه موروا»، فقَال: (كُلُّ مَا يَتَّفقُ مَع ميُولِنَا ورَغبَاتِنَا الشَّخصيَّة، يَبدو فِي أَعيننا مَعقولًا، أَمَّا مَا يُنَاقِض رَغبَاتنا، فإنَّه يُثير غَضبنَا)..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي أَنْ أُسجِّل استغرَابي مِن أُولئك البَشَر؛ الذين يَلقون باللَّائِمَة عَلَى كُلِّ شَيء، حِين تَغيب عَنهم الحلُول، وكَأنَّهم يَسخرون مِن أَنفسهم، حِين يُبرِّؤون تَنَاقضَاتهم..!!

أخبار ذات صلة

الطرق البطيئة
في العتاب.. حياةٌ
مهارة الإنصات المطلوبة على المستوى الدولي
مقوِّمات.. لاستقرار الشركات العائلية
;
ستيف هوكينغ.. مواقف وآراء
لا تخرج من الصندوق!
(قلبي تولع بالرياض)
سياحة بين الكتب
;
تمويل البلديات.. والأنشطة المحلية
الإدارة بالوضوح!
نحـــــاس
أدوار مجتمعية وتثقيفية رائدة لوزارة الداخلية
;
«صديقي دونالد ترامب»
قِيم الانتماء السعودية
جدة.. الطريق المُنتظر.. مكة!!
إسراف العمالة (المنزليَّة)!