فليكن نقاشنا وجدلنا هادئاً
تاريخ النشر: 27 يوليو 2017 01:12 KSA
إن ما يثار عندنا في الصحافة وفي القنوات الفضائية عند الاختلاف عربيًّا، هو من النوع الذي ينحدر في الغالب إلى ما لا يرضاه عاقل، فتبادل الشتائم والسباب لا يحل شيئًا من اختلافاتنا سياسية كانت أم فكرية أو حتى دينية، وليس له أثر إلا في زيادة الفرقة بيننا، وتعقد مشكلاتنا الناتجة عن الاختلاف، فمثلًا الاختلاف بين من يلتزمون الليبرالية نهجًا سياسيًا، وأولئك الذين يرون فيها بعدًا عن الإسلام ونهجه في الحكم ظلوا يتصارعون في صحفنا وعبر برامج الحوار، أو ما أسموه (التوتشوك) زمنًا طويلًا حتى أصبح لدينا معجم لألفاظ شتم الليبراليين وسبهم بل وأحيانًا الاقتراب من تكفيرهم، وللبراليين مثله لمن أسموا أنفسهم بالإسلاميين أو تيارًا إسلاميًا، ولم يلتقوا قط، ولم يقنع بعضهم بعضًا، بل أصبح هذا المنهج وتبعاته السيئة مما يسبب الكثير من المشكلات السياسية والاجتماعية والفكرية، وتاه العامة في صراع لا نتائج له إلا السوء المتعاظم، بعيدًا عن الخلق السوي، وكما طرحنا هذا الموضوع واقترحنا أن الحوار إذا فارق آدابه التي رضيها الشرع ودل عليها العقل، وكما يختلف الأسوياء في كثير من جماعات وبلدان العالم لم يفد، وحظينا أحيانًا بسبب ذلك تصنيفًا خاطئًا، أو شتائم معدة سلفًا لكل معترض، وكلما كثرت قضايا الجدل في مجتمعنا كلما زادت هذه الفوضى المؤدية إلى فرقة يلحقها كراهية وبغضاء، وتشتت أفكار الناس فيه، وأصبحوا فرقًا وأحزابًا لا يمكن أن يجتمعوا قط على رأي، وهذه الحالة لا أظن أحدًا لم يلاحظها على مجتمعنا منذ عقود، ولابد من معالجة هادئة لها، علنا نصل إلى أسلوب في النقاش والجدل يستبقي وحدة للوطن ولا يؤدي إلى كراهية بيننا، وآداب الاختلاف معلومة مشتهرة بين العلماء، وما عليهم إلا تعريف الناس عليها، وتحذيرهم من الأسلوب الآخر الخطر على مجتمعهم، لعلهم يرجعون عنه ويلتزمون آداب الحوار وسلامة وحدة مجتمعهم ولعلهم فاعلون.