قطف الثمار من صحبة الحمار!!

هُنَاك جُمَلٌ وأَقوَال مَفروغٌ مِنهَا، لِذَلك يُعتبر ذِكرها أَو تَأكيدها؛ مِن بَاب إضَاعة الوَقت، وتَعريف المُعرَّف، ومِن هَذه الحَقَائق، أنَّ الحِمَار وَسيلَة نَقل قَديمَة، استفَاد مِنهَا الإنسَان، ومَازَال يَستَفيد.. ومِثل هَذا القَول لَا يُفيد كَثيرًا، لأنَّه مَعروفٌ للقَاصِي والدَّانِي، ولَكن مَا لَيس مَعروفًا، هو أَنَّ الحِمَار يُعتبر مُولِّدًا، ومُحفِّزًا للحوَار، وبَاعِثًا للتَّفكير، وصَانِعًا للجَدَل.. وحَتَّى لَا يَكون الكَلَام مِن غَير أَدلَّة، دَعونَا نَستَحضر الشَّواهِد والأَمثَال، للتَّدليل عَلَى صحّة هَذا المَقَال

:


إنَّ الحِمَار كَان رَفيقًا للأُدبَاء والشُّعرَاء، والفَلَاسِفَة والمُفكِّرين فِي رَحلاتهم، ولَا يَخلو أَدَب - مِن الآدَاب العَالميَّة- مِن سِيرة الحِمار وأَدبيَّاته، والسَّرد المُصَاحِب لَهَا، ففِي الأَدَب العَربي الحَديث –عَلى سَبيل المِثَال- يُعتبر الأَديب السّعودي النَّادِر «حَمزَة شحَاتَة»، أَوَّل مَن كَتَب عَن الحِمَار، حِين أَصدَر كِتَابه: «حِمَار حَمزَة شحَاتَة»، فِي خَمسينيَّات القَرن المَاضِي، وقَد كَان كِتَابًا زَاخِرًا بالمَوهبَة الكِتَابيَّة، والقُدرَة عَلَى استنطَاق الأفكَار، مِن «أَبوصَابر»، ولَو أُعيد هُنَا مَا قُلته عَن «حِمار حَمزة شحَاتَة» فِي كِتَابَة سَابِقَة، مَا أَسعَفتني مِسَاحة هَذَا المَقَال

..!


ثُمَّ جَاء الأَديب المِصري الكَبير، السَّاخِر السَّاحِر، «توفيق الحكيم»، فاستَحلَب الحِمَار، واستنزَف نَهيقه، وحَوَّله إلَى أَفكَار، وجَوَاهِر تُقرأ، إلَى يَوم القِيَامَة، حَيثُ أَصدَر ثَلَاثة كُتب هي: «حِمَاري الفَيلسوف»، و»حِماري وعَصاي والآخَرون»، و»حِمار الحَكيم

»..!

إنَّ هَذه الكُتب؛ بِمَا فِيهَا مِن أَفكَار وخَوَاطِر حِمَاريَّة، قَد دَرَّت ذَهبًا لـ»الحَكيم»، وحَقَّقت لَه نجُوميَّة كَبيرة، عَلى مستوَى الوَطَن العَربي، وكُلّ ذَلك بفَضل تَوفيق الله، ثُمَّ ببَركة صَاحبنَا الحِمَار، وللأَمَانَة، فإنَّ «توفيق الحكيم» لَم يَنسَ هَذا الفَضْل لحِمَاره، لأنَّه أَهدَى كِتَابيْه: «حِماري الفَيلسوف» و»حِمار الحَكيم»، إلَى الحِمَار شَخصيًّا، حِين قَال فِي الإهدَاء: (إلَى صَديقي الذي وُلِدَ ومَات ومَا كَلَّمني.. لَكنَّه عَلَّمني

)..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟

!

بَقي القَول: أَيُّها النَّاس، إنَّ مُولِّدَات الأفكَار أَمَامكم كَثيرَة، فحَاولوا أَنْ تَستغلوهَا، وإلَّا مَن كَان يَتصوَّر أَنَّ هَذا الحِمَار -الذي نَصِفُه بالغَبَاء والبَلَادَة- قَد يَكون سَببًا ومَصدرًا، لأَديب مِن أَكبَر أُدبَاء العَصر الحَديث، وهو «تَوفيق الحَكيم»..!!

أخبار ذات صلة

شهامة سعودية.. ووفاء يمني
(مطبخ) العنونة الصحفيَّة..!!
رؤية وطن يهزم المستحيل
ريادة الأعمال.. «مسك الواعدة»
;
هل يفي ترامب بوعوده؟
رياضة المدينة.. إلى أين؟!
جيل 2000.. والتمور
التراث الجيولوجي.. ثروة تنتظر الحفظ والتوثيق
;
قصَّة أوَّل قصيدة حُبٍّ..!
حواري مع رئيس هيئة العقار
الحسدُ الإلكترونيُّ..!!
مستشفى خيري للأمراض المستعصية
;
الحُب والتربية النبوية
سلالة الخلايا الجذعية «SKGh»
التسامح جسور للتفاهم والتعايش في عالم متنوع
التقويم الهجري ومطالب التصحيح