خذ ثم طالب.. ولا تنتظر التسويف الكاذب

بَعض النَّاس لَا يَمتَلك المرُونَة، ويَنظُر إلَى الحَيَاة مِن خِلال «أَبيض أَو أَسوَد»، أَو مِن خِلال استخدَام نَظريَّة أَخْذ الكُلّ، أَو تَرْك الكُلّ، ومِثل هَذه النَّظريَّات تَحرم الإنسَان مِن أَشيَاءٍ كَثيرة، بَل هي -أَحيَانًا- تُدخله فِي مَهَالِك ومَخَاسِر؛ كَان يُمكن تَفَاديهَا..!

لقَد كَان الرَّئيس التُّونسي الأَسبَق «الحبيب بورقيبة»، يُعاتِب المُفَاوضين فِي القَضيَّة الفِلسطينيَّة، لأنَّهم كَانوا يُفَاوضون عَلَى أَخذ كُلّ شَيء، أَو تَرْك كُلّ شَيء، فوَجَّه إليهم رِسَالَة قَال فِيهَا: «لَيتَكُم تَستَخدمون سِيَاسة خُذ ثُمَّ طَالِب»..!


وحَتَّى أَشرَح هَذه النَّظريَّة -وأَعني بِهَا نَظريَّة «القَنَاعَة المُؤقَّتة، وهِي بالمُنَاسبَة نَظريَّة عَرفجيَّة- دَعوني أَذكُر لَكُم هَذه القصّة، حَتَّى يَتَّضح المَقَال بالمِثَال:

لقَد اقترَض مِنِّي أَحَد الأَصدِقَاء «عَشرة آلَاف ريَال»؛ قَبل عَشر سَنوَات، وفِي كُلِّ مَرَّة أُقَابله فِيهَا، كَان يَعتَذر بأنَّ المَبلَغ غَير مُكتَمل، ويُطَالب بأنْ يُعطيني؛ حَسب مَا يَتوفَّر مَعه مِن المَبلغ، سَوَاء كَانت أَلف ريَال أَو 1500، لَكن فِي ذَلك الوَقت، كَان رَأسِي يَابِسًا، يُشبه رؤُوس المُفَاوضين الفِلسطينيين، أَو كَان مُربَّعًا يُشبه الصُّورَة المُربَّعة، التي تُوضع فِي جَوَاز السَّفر، وكُنت حِينهَا مُتطرِّفًا، لَا أَقبَل إلَّا بكَامِل المَبلَغ، وبَعد مرُور خَمس سَنوَات، لَم أَحصُل عَلَى المَبلغ، بسَبَب فِكرتي الحَادَّة فِي استرجَاعه..!


وبَعد خَمس سَنوَات، أَصبَح رَأسي لَيِّنا، وتَنازلتُ عَن تَطرُّفي، فأَصبَحتُ أَتعَامَل مَع صَديقي تَعَامُل الغَنَائِم، وفِي كُلِّ مَرَّة أُقابله، يَسمَح لِي بأَنْ أَستَولي عَلَى مَا فِي جيبه، مَرَّة أَحصُل عَلَى أَلف ريَال، ومَرَّة عَلَى 700، ومَرَّة عَلَى 500، حَتَّى اكتَمل المَبلغ خِلال عَام وَاحِد..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول: لقَد تَعلَّمتُ مِن الأَدَب العَربي الشّيء الكَثير، ومِن هَذا الذي تَعلَّمته المرُونَة والمُجَارَاة، والمُهَادنة والتَّعَاطِي مَع الحَيَاة، مِن خِلال استخدَام نَظريّة «فَنّ المُمكن»، أَو نَظريّة «حَلٌّ وَاحِد جَيّد قَابِل للتَّطبيق»، خَيرٌ مِن عَشرة حلُول مُمتَازَة، ولَكنَّها صَعبَة أَو مُستَحيلَة التَّطبيق..!!

أخبار ذات صلة

حياة جديدة وملهمة بعد الثمانين!
قصَّة غزَّة وعُزيْر..!!
الطائف والمشروعات التنموية
مراكز الأحياء ومرتكزات النجاح
;
بيجـــر
مسميات انحرفت بالأمة وشرمذتها
شيخ خبير خلف مهرجان البحر الأحمر السينمائي
دور البيئة البركانية في العمارة والتاريخ
;
يقول الناس!!
ثقافتنا.. والشركات الاستشارية الأجنبية
أبناؤنا واللغة العربية.. الهوية والإبداع
تعلم اللغة العربية جوهر جودة التعلم
;
أثر (القيلولة).. في تحسن التفكير الإبداعي
بين صيفين!!
سيناريوهات برنارد لويس في العالم الإسلامي
الصمت المُقنع