الفساد: النظام والنظام المضاد!
تاريخ النشر: 09 نوفمبر 2017 00:17 KSA
في خضم الأحداث المثيرة التي يشهدها المجتمع السعودي هذه الأيام، والعمل المستمر للإصلاح ومطاردة الفساد، يمكن الإشارة إلى كتاب مهم تحت عنوان: (الفساد، اللامساواة، وحكم القانون: الجيب المنتفخ الذي يصنع حياة الرخاء)، يقول فيه مؤلفه «إريك إسلنر»، بروفيسور الدراسات السياسية بجامعة ماريلاند الأمريكية: إن جذور الفساد تكمن دومًا في اللامساواة الاقتصادية، وفي ثقة القانون المطلقة في أناس لا يستحقونها، الفساد يقود إلى اضمحلال الثقة في الآخرين، وهو ما يؤدي إلى زيادة في حالة اللامساواة في المجتمع، وهي الحالة التي يدعوها «إسلنر» بـ(كمين اللامساواة) ويُؤكَّد أنها السبب الذي يجعل الفساد يدوم، ويجعل استئصاله معقَّدًا.
هذا يعني أننا يجب أن نضع في الاعتبار أننا نحارب خصمًا عنيدًا متمكِّن الجذور في الثقافة..
الفساد نظام خفي مُتجذِّر، ولا يمكن القضاء عليه ومحاربته إلا بنظام مثله، نظام محكم وصارم لا يطارد أذرع الفساد وحسب، بل ينقضُّ -أيضًا- على محاضنه الفكرية والاجتماعية أينما كانت.
والإصلاح، بحسب المتخصصين، لا يكون إلا بالإرادة والتخطيط: إرادة القيادة أولًا، تلك الإرادة التي تُمثِّل نزعتها الحقيقية للإصلاح نموذجًا يتبعه كافة شرائح المجتمع طوعًا أو كرهًا، ثم يأتي بعد ذلك دور التخطيط الواعي بأبعاد الفساد، ومراكز القوى المتحكمة فيه، لتصبح محاربة الفساد -كما قلت- نظامًا مضادًا وحيويًا.
يحيل الفساد المجتمعات إلى بنى مجوّفة وهشَّة لا تردعها القيم الإنسانية العليا، كالصدق والأمانة والعدالة، ولا القوانين التي تُنظِّم وتُسيِّر شؤون الحياة المختلفة؛ عدم احترام القانون، عدم تساوي الفرص، إهمال الكفاءات، اختلاس المال العام، وتفشي الواسطة والرشوة، وغيرها من المظاهر السلبية تنتج مجتمعًا فاسدًا لا يمكن إنقاذه.. من أجل هذه النتيجة الحتمية كان مهمًا أن نبدأ في محاربة هذا الداء المستشري، وأحسب أنها رحلة ستطول. وما دامت كذلك.. فلا بأس أن نُذكّر في بدايتها أن الشماتة والتشهير وبث الشائعات ليست إلا صورًا من صور الفساد الأخلاقي.
يعترف «إسلنر» أن أباه -كان صاحب قرطاسية صغيرة- اعتاد أن يُرسله لتوصيل رشاوى لضباط مركز الشرطة.. وكان يرى كيف كانت هذه «الهدايا» تعود لقرطاسية أبيه على شكل طلبات وفواتير ضخمة للمركز، كان «إسلنر» يرى جناية ذلك على قِيَم مجتمعه الصغير.. لذلك قرر أن يصبح عدوًا لهذا النظام، يُحاربه بكل ما يستطيع.. وكِتَابه المهم؛ نتاجٌ لبعض ما يستطيعه.
هذا يعني أننا يجب أن نضع في الاعتبار أننا نحارب خصمًا عنيدًا متمكِّن الجذور في الثقافة..
الفساد نظام خفي مُتجذِّر، ولا يمكن القضاء عليه ومحاربته إلا بنظام مثله، نظام محكم وصارم لا يطارد أذرع الفساد وحسب، بل ينقضُّ -أيضًا- على محاضنه الفكرية والاجتماعية أينما كانت.
والإصلاح، بحسب المتخصصين، لا يكون إلا بالإرادة والتخطيط: إرادة القيادة أولًا، تلك الإرادة التي تُمثِّل نزعتها الحقيقية للإصلاح نموذجًا يتبعه كافة شرائح المجتمع طوعًا أو كرهًا، ثم يأتي بعد ذلك دور التخطيط الواعي بأبعاد الفساد، ومراكز القوى المتحكمة فيه، لتصبح محاربة الفساد -كما قلت- نظامًا مضادًا وحيويًا.
يحيل الفساد المجتمعات إلى بنى مجوّفة وهشَّة لا تردعها القيم الإنسانية العليا، كالصدق والأمانة والعدالة، ولا القوانين التي تُنظِّم وتُسيِّر شؤون الحياة المختلفة؛ عدم احترام القانون، عدم تساوي الفرص، إهمال الكفاءات، اختلاس المال العام، وتفشي الواسطة والرشوة، وغيرها من المظاهر السلبية تنتج مجتمعًا فاسدًا لا يمكن إنقاذه.. من أجل هذه النتيجة الحتمية كان مهمًا أن نبدأ في محاربة هذا الداء المستشري، وأحسب أنها رحلة ستطول. وما دامت كذلك.. فلا بأس أن نُذكّر في بدايتها أن الشماتة والتشهير وبث الشائعات ليست إلا صورًا من صور الفساد الأخلاقي.
يعترف «إسلنر» أن أباه -كان صاحب قرطاسية صغيرة- اعتاد أن يُرسله لتوصيل رشاوى لضباط مركز الشرطة.. وكان يرى كيف كانت هذه «الهدايا» تعود لقرطاسية أبيه على شكل طلبات وفواتير ضخمة للمركز، كان «إسلنر» يرى جناية ذلك على قِيَم مجتمعه الصغير.. لذلك قرر أن يصبح عدوًا لهذا النظام، يُحاربه بكل ما يستطيع.. وكِتَابه المهم؛ نتاجٌ لبعض ما يستطيعه.