دور الدولة في العملية الاقتصادية

من منطلق اقتصادي، أطرح هذا الموضوع للتفكير والتأمل، من خلال تساؤل.. ما هو دور الدولة في الاقتصاد؟ بالطبع لا يمكن تخيل اقتصاد بدون حضور قوي للأنظمة الرسمية التي تسنها الدولة، من هنا يبدو دور الدولة في الاقتصاد حيويًا، كوسيط ما بين رؤوس الأموال والأيدي العاملة، وأيضًا للتنظيم والرقابة وللتحفيز التنموي، فالخطط التنموية الناجحة يلزم تعريف دور الدولة فيها من منطلق اقتصادي لبناء إستراتيجية تنموية صحيحة تتناغم وتدعم ذلك الدور، ولتنبثق منها مسارات لاقتصاد جزئي لتحقيق الرؤية الكلية.

كاتب السطور ينظر لهذا الدور نظرة تتكئ على التاريخ الاقتصادي للعالم باستصحاب الفترة الذهبية ما بعد الحرب العالمية الثانية، وإلى فترة السبعينات، في تلك الفترة، شهد العالم نهوضًا اقتصاديًا مدهشًا تجاوز دمار «أم الحروب» الكونية إلى الازدهار والرفاه وإعادة بناء نفسه بتناغم مع دور الحكومات الذي كان واضح المعالم، وانحصر «كوسيط» ما بين رؤوس الأموال والعمالة.


وفيه سُخرت موارد الدولة لتحقيق الازدهار المستدام وتوفير بيئة تنموية صحية خصبة، بُنيت على قواعد مؤسساتية متينة، كالمؤسسة القضائية، المؤسسات العامة، المؤسسات الخاصة، المؤسسات غير الربحية، هذا الدور المحايد جعل الدولة أقرب لوضع يدها بيد المواطن وبتعريف دور كل منهما بوضوح تام.

وتُركت مساحة كافية لحركة القطاع الخاص، ما مكن للاختراعات الهائلة والابتكارات التي توسعت تحت عين الدولة ورعايتها، التي مثلت ظهرًا يسند مبادرات المواطن، سواء بالحمائية أو بدعم الصناعة أو عبر برامج دعم اجتماعي قوية.


هذا النوع من الأدوار التشاركية استمر إلى أن حدثت أزمة «أوبك» في السبعينات، فأفرزت وضعًا عالميًا اتسم بالحدة، وفتح الباب لأيدلوجية اقتصادية طالبت بإعادة تعريف دور الحكومات من شريك تنموي إلى «عائق» للتنمية، وتحوَّر الدور الوظيفي للدولة من التشاركية الاقتصادية إلى رفع شعارات خصخصة كل ما يمكن خصخصته تحت ذرائع تحرير الأسواق.

واليوم بعد أربع عقود، تحاول العديد من دول العالم تحويل اقتصاداتها لتواكب متطلبات الحاضر فضلًا عن الغد، لعلها تحقق آمال مواطنيها وقادتها في الرفاه والتنمية المستدامة، لكنهم يقعون في فخ تعريف دور الدولة بالابتعاد عن الدور التشاركي، وحيث إن هذا المقال يمثل تشجيعًا على التأمل والتفكير في دور الدولة في الاقتصاد، فأختمه بسؤال قرأته على مواقع التواصل الاجتماعي، وأرجو ألا يؤخذ بالمعنى الحرفي، وهو: هل الدولة مسؤولة عن كل شيء بما في ذلك إدخال المواطن الجنات؟

أخبار ذات صلة

القرآن الكريم ورونالدو..!!
أكبر مشروع للثروة الحيوانيَّة بالشرق الأوسط
الصحافة الورقية
سوريا «العربية» والدبلوماسية «السعودية»
;
العرب بين 1916 و2024.. مكانك سر!
حكايتي مع الإِدمان
مُد يدك للمصافحة الذهبية
السعودية.. الريادة والدعم لسوريا وشعبها
;
المتيحيون الجدد!
المديرون.. أنواع وأشكال
أين برنامج (وظيفتك وبعثتك) من التطبيق؟!
علي بن خضران.. يد ثقافية سَلفتْ!
;
من يدير دفة الدبلوماسية العامة الأمريكية؟!
الرياض.. بيت العرب
جميل الحجيلان.. قصص ملهمة في أروقة الدبلوماسية
الجزيـــــــرة