عبـادة الامتـنان

ينسى الإنسان في خضمّ النّعم الـمُتواترة والفيّاضة مُـمارسة عبادةٍ قلبيةٍ جـميلة، وفضيلةٍ أخلاقية رفيعة سهلة مُـمتنعة، وهي الامتنان، التي لا تقتصرعلى لـحظات معيّنة أو أحداث مُفرحة كحصوله على مبلغ من الـمال أو ترقية وظيفية أو حين يُرزق بطفلٍ جديد، بل تكون عبادةً مستمرة بسيطة يُـمكن مُـمارستها في جـميع الأوقات والظروف والأحوال، وحتى حال الشعور بالـحزن والكآبة أو مواجهة مشكلات ومواقف سلْبية.

ويبدو من خلال بعض الأبـحاث، أن الـمُمارسيـن لفضيلة الامتنان والشّكر يشعرون بـمزيدٍ من الـمشاعر الإيـجابية كالتفاؤل والسعادة والثقة بالنفس وقبول الذات، ويتمتّعون بعلاقات اجتماعية مُزدهرة، كما يكونون أكثر كرماً وعطاءً وتسامـُحاً وتعاطفاً مع الآخرين.


ولا يقتصر الأثر الـجيّد لفضيلة الامتنان القلبـي وشكره الدائم على النّعم التـي لا تُـحصى على الـجانب النفسي والاجتماعي فحسْب، بل تكشفُ أيضاً بـحوث الكاتب البـروفسور «روبرت إمونز» عن نتائج بدنية عضوية إيـجابية للامتنان كتقوية نظام الـمناعة، والتخفيف من الآلام الـمُزمنة، وخفض ضغط الدم، وأداء التمارين الرياضية بشكل أفضل، والنوم بصورة جيّدة، وبـخاصة إذا تـمّت كتابة كلّ ما يـمكن للإنسان أن يكون مُـمتناً له، ومراجعة ذلك بانتظام لتذكيـره بـها.

وعِوضاً عن التركيز على ما ينقص الشخص من أشياء مادية ومعنوية، تـهتم «عبادة الامتنان» بلفت انتباهه بشكل يومي إلـى إيـجابيات الـحياة ومباهجها الـمحيطة به وأهـمّها الصحة والعافية، وتقدير يومه وحاضرهِ والاستمتاع بكثيـر من دقائق النعم


التـي تـحيط به في كلّ شؤون حياته وأوقاته، وهو غافلٌ عنها نتيجة اهتمامه العميق بـمشكلاتٍ وقضايا وسلْبيات ونقائص مُزعجة، فحينها يُـمكن للشّخص التفاعل بشكلٍ أفضل والتعامل معها بتقبّل وصوَرٍ أكثر إيـجابية، بعيداً عن مشاعر الـحسد والبُغض والكراهية والسُّخط.

وتُـفيد مشاعر الامتنان والتقدير كثيـراً في الارتقاء بالعلاقات الزوجية، والتركيز على الإيـجابيات، والتحلّي بالصبـر وتـجاهل الاختلافات وحلّ الـخلافات، كما تُعتبـر ذات أهـمية كبيـرة في مواجهة مُشكلات الوظيفة والصبـْر على علاقات العمل وأذى الناس، وهي في حقّ الـمواطن الـمتمتّع بالأمن والأمان في بلده من أكبـر مشاعر شكر النعمة والإحساس بقيمتها التي حُرِم منها نفرٌ كثيـر.

وختاماً، يُرشدنا الله سبحانه وتعالـى إلى الطريقة الـمُثلى لتـرجـمة الشعورِ بالامتنان وشكر النعمة في قوله: (اعْمَلُوا آلَ دَاوُود شُكراً وقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُور).

أخبار ذات صلة

جدة.. الطريق المُنتظر.. مكة!!
إسراف العمالة (المنزليَّة)!
اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة
الإنسان النصف!!
;
من طوكيو إلى واشنطن بدون طيار!!
التعليم أهم رسالة.. والمعلم أهم مهنة
كوني قوية فلستِ وحدكِ
شهامة سعودية.. ووفاء يمني
;
(مطبخ) العنونة الصحفيَّة..!!
رؤية وطن يهزم المستحيل
ريادة الأعمال.. «مسك الواعدة»
هل يفي ترامب بوعوده؟
;
رياضة المدينة.. إلى أين؟!
جيل 2000.. والتمور
التراث الجيولوجي.. ثروة تنتظر الحفظ والتوثيق
قصَّة أوَّل قصيدة حُبٍّ..!