الإعلام بين الشرق والغرب

لا يشك أحد في أن الإعلام بصورته الحديثة من صنع الغرب، ونحن في بلداننا العربية والمسلمة مُقلِّدون له في ذلك، وبعضنا ولا شك آمن أن الغرب سيظل متفوقاً فيه علينا أبد الدهر، وأنه كما كان يقنعنا دوماً، أن الإعلام الراقي بمعاييره الأرقى من المحافظة على حرية التعبير مع الحياد والموضوعية، وأهم من ذلك كله الصدق، ورغم أن التكنولوجيا المستخدمة اليوم في الإعلام أصبحت متاحة للجميع، كما أن المعلومات أصبح الوصول إليها متاحاً أيضاً للجميع، إلا أن هناك من لا يزال يرى في الإعلام الغربي تلك الصورة الباهرة، التي ترسمها وسائله لها على مدى زمن طويل، رغم أنه عانى منذ عشرات السنين من الانحدار نحو هاوية مستقرها بعيد، حيث بدأنا نلاحظ أن ما كان يُقال عن الإعلام الغربي مدحاً وثناءً، أصبح اليوم بضده تماماً، فزعم الحياد وهو أكثر صفة روّج لها وأشيعت عنه، وادّعى أنها تُميّزه عن إعلام الشرق خاصة، والعرب والمسلمين عامة، رأينا أنه لم يعد له وجود في الإعلام الغربي، بل في إعلام العالم أجمع، وفي إعلام الغرب خاصة، رأينا على مر الزمان منذ القرن التاسع عشر الميلادي أن الإعلام الغربي يُشوِّه صور مَن اعتبرهم له أعداء، كالمسلمين ومنهم العرب، بل وبعض دول شرقية أخرى في آسيا، ودول تختلف عنه في الغرب نفسه، ورأينا إعلام الغرب يفبرك صوراً عن كل هؤلاء لا وجود لها إلا في مخيلة المهيمين عليه، يُروّج لها الإعلام الغربي، ويحشر فيها الشخصية المسلمة والعربية والشرقية عموماً، فلم يعد لهذا الحياد وجود، بل لعلنا نزعم أنه لم يوجد قط، فالإعلام في طبعه عندما نشأ في الغرب وُلِدَ منحازاً لا محايداً، ولم يعرف قط حرية التعبير، فهو لا ينشر لأحد ينتقد ما يُنشر فيه أبداً، إلا نادراً، وفي حالات لا يعتبر النقد مهماً، كما أن ادّعاء الموضوعية عند دراسة ما ينشره، يكتشف أنها مجرد ادعاء لا أكثر، ولو تابعنا ما أنتجه الإعلام الغربي مكتوباً ومقروءاً ومسموعاً منذ نشأ وحتى اليوم، نجد أن كل هذا غائب عنه بالكلية، وها هو اليوم ينشر أخباراً وتحقيقات، ما إن تظهر حتى يتوالى نقدها نقداً شديداً، تلجأ الكثير من الوسائل التي تنشره للاعتذار لتجاوزها كل المعايير الإعلامية، بل ويتضح في كثير من الأحيان أنها قد فبركتها، ليدل على ما دل عليه وهو منافٍ للحقيقة، ولهذا لم يعد بينها وبين وسائل إعلام العالم الثالث، الذي كانت تستهدفه دوماً بنقدها الحاد، أي فرق، بل لعلَّه في أكثر الأحيان أصدق منها وأكثر التزاماً بالمعايير، فقد تجاوزته فيما كانت تعتبره منه سيئاً، وتظل أعداد قليلة هواها غربي هي مَن لا تزال تثق بالإعلام الغربي، وهي ترى كل هذه المساوئ واضحة جلية فيه.

أخبار ذات صلة

جدة.. الطريق المُنتظر.. مكة!!
إسراف العمالة (المنزليَّة)!
اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة
الإنسان النصف!!
;
من طوكيو إلى واشنطن بدون طيار!!
التعليم أهم رسالة.. والمعلم أهم مهنة
كوني قوية فلستِ وحدكِ
شهامة سعودية.. ووفاء يمني
;
(مطبخ) العنونة الصحفيَّة..!!
رؤية وطن يهزم المستحيل
ريادة الأعمال.. «مسك الواعدة»
هل يفي ترامب بوعوده؟
;
رياضة المدينة.. إلى أين؟!
جيل 2000.. والتمور
التراث الجيولوجي.. ثروة تنتظر الحفظ والتوثيق
قصَّة أوَّل قصيدة حُبٍّ..!