«العاصوف»: دور الفن ورسالته مرة أخرى!!

أثار مقالي الأسبوع الماضي الذي كان عنوانه: (العاصوف: هل يدعو إلى الفواحش؟) أصداءً وردود فعل متناقضة، كما كان متوقعا، فتباين الآراء أمر محتوم حول كل ما يمس هذا العمل الجدلي، وأحسب أنه نجاح يُضاف للعمل.

الغريب في الأمر أن هناك من رأى أني كنتُ أنتقد العمل، بينما رأى آخرون أني كنتُ مادحًا متيَّمًا. وهذا التناقض حول موقفي يقود إلى الفكرة التي أشرتُ إليها في بداية المقال: وهي أن وقوع العمل في دائرة المعركة الأيديولوجية بين المؤيدين والمعارضين يضمن له النجاح والشهرة دون اعتبار لقيمته الفنية الحقيقية.. أي أن موقف الرافضين المنددين في مواجهة المعجبين المؤيدين يؤدي إلى حالة من التوتر، الذي يضمن للعمل الشهرة والمتابعة، دون أن يراعي العمل- بالضرورة- المعايير الدرامية الحقيقية التي تجعلنا نحكم عليه فنيًا بالقوة أو الضعف.


من المهم الإشارة إلى أن للفن طريقته في التعامل مع قضايا المجتمع وتصوير الواقع بطريقته الخاصة التي تعتمد على الخيال في تجميع المواقف والأحداث، وعليه يكون السؤال عن حقيقة الأحداث، أو عن مدى صدق الصورة التي يُظهر فيها العملُ المجتمعَ، من كذبها، سؤالًا قاصرًا عن فهم طبيعة الفن ووظيفته. فلا يمكن التعامل مع الآداب والفنون بهذه المباشرة والسطحية، بل يحتاج الأمر إلى نظرة عميقة تتفهَّم خطاب العمل، وتستطيع استخلاص رسالته (أو رسائله) الفنية العميقة، التي لا تقف عند حد السؤال: (هل كان مجتمعنا هكذا بالفعل؟!).

من الطبيعي أن يوغل العمل الفني في الخيال، وأن يبحث عن الأحداث المدهشة والمشوقة التي تجذب اهتمام المتابعين وتدفعهم إلى التفكير والتأمُّل، وهذا لا يتأتى عادة في الموضوعات المتفق عليها اجتماعيًا، بل نجدها بين طيَّات القضايا الحسَّاسة، التي تثير أسئلة لم يجد لها الإنسان جوابًا شافيًا يتفق عليه مع بقية شرائح مجتمعه.. وأعتقد أن العاصوف قد نجح منذ البداية في التقاط هذا الحدث المدهش المشوق، وإن كان تطوُّر الأحداث بعد ذلك لم يشهد تعقيدًا دراميًا مقنعًا يصل بالمتابع إلى مرحلةٍ من التوتر والأسئلة المتناقضة. ورغم أن الوقت مُبكِّر للحكم على العمل، فإنه يمكن ملاحظة أن قوته تكمن في نجاحه في ربط ذهن المشاهد وتحفيز الحنين لديه لفترة زمنية معينة، بالإضافة إلى موسيقى العمل وحضور ناصر القصبي الجيد في كثير من المشاهد.. عدا ذلك فيبدو أن العمل يشتكي من سطحية في تطور الأحداث كما قلت، ومحاولة تطويل ساذجة لبعض المشاهد، وضعف (مخجل) في الحوار والأداء التمثيلي، خصوصًا في المشاهد التي يغيب عنها ناصر القصبي.


***

لعل أهم الرسائل التي نستخلصها من (العاصوف) ومن الاختلاف الحاصل حوله، تتمثل في حاجة مجتمعنا الشديدة إلى وجود مدارس وأكاديميات فنية، تُخرِّج أجيالًا من المتخصصين في المجالات الفنية المختلفة، حتى لا يظل الفن رهينًا للمبادارت الفردية والارتجال.. وعيدكم مبارك.

أخبار ذات صلة

اللغة الشاعرة
مؤتمر الأردن.. دعماً لوحدة سوريا ومستقبلها
الجهات التنظيمية.. تدفع عجلة التنمية
الاستثمار في مدارس الحي
;
معرض جدة للكتاب.. حلَّة جديدة
«حركية الحرمين».. إخلاص وبرامج نوعية
دموع النهرين...!!
الجمال الهائل في #سياحة_حائل
;
عقيقة الكامخ في يوم العربيَّة
قُول المغربيَّة بعشرةٍ..!!
في رحاب اليوم العالمي للغة العربية
متحف للمهندس
;
وقت الضيافة من حق الضيوف!!
السرد بالتزييف.. باطل
عنف الأمثال وقناع الجَمال: قلق النقد ويقظة الناقد
مزايا مترو الرياض