انتحار واحد طبيب!!

يتـربّع الأطباء في الولايات الـمتحدة الأمريكية على عرش قائمة الانتحار من بيـن أفراد المهن الأخرى، كما أن معدّل انتحارهم يفوق ضعف معدله لدى التعداد العام للسكان. وبحساب بسيط، يقدم على الانتحار طبيبٌ واحدٌ يومياً، فيما يبلغ عدد المُنتحرين (400) طبيب سنوياً في أمريكا، عن طريق شنق أنفسهم أو تناول المواد السامة. هذه النتيجة الـمثيرة للاهتمام والقلق، هي خلاصة دراسة استقصائية تم تقديـمها خلال فعاليات مؤتمر رابطة الأطباء النفسيين الأمريكية لـهذا العام (2018).

وتشيـرُ الدراسة نفسها، إلـى أن الاطلاع على كثير من المعلومات الطبية وطرق استخدام الأدوية ومفعولها وتفاعلاتها، إضافة إلى سهولة الوصول إلى العقاقير العلاجية، جعل من السّهل على بعض الأطباء معرفة الطريقة المُثلى للتخلّص من حياتهم بشكلٍ سريع وألمٍ أقل.


وقد أظهرت نتائج دراسة تحليلية أخرى موثّقة طُبّقت على أكثر من (17 ألف) طبيب (عام 2015) ونُشرت في مجلة (JAMA) انتشار الإصابة بالاكتئاب أو أعراضه لدى الأطباء تحت التدريب بنسب تتراوح بين (20%) إلى (43%) وبمعدل (30%

) تقريباً، وهي نِسبٌ أعلى بثلاثة أضعاف عن معدّلات الاكتئاب لدى أفراد المجتمع بشكل عام.


ولا تقتصرُ الإصابة باضطرابات المزاج بوصفها المُحفّز الأكبر على التفكير في الانتحار وتنفيذه فعلاً على التقارير الأمريكية فحسْب، فدراساتٌ من فنلندة والنرويج وأستراليا وسنغافورة والصين، أظهرت أيضاً معدلات مُرتفعة للاكتئاب والتوتر والتفكير في الانتحار ضمن مجموعات الأطباء وطلاب الطب.

ويظهر أن العامل المُشترك المُرتبط بالانتحار، هو الاكتئاب الشديد، الذي يصيب حوالـي (13%) من الأطباء الرجال، وقريباً من (20%

) من الطبيبات، وتكمن المشكلة في أن معظم المصابين منهم بالاكتئاب يتجاهلونه ويرفضون الاعتراف بأعراضه وتأثيره السّيىء على حياتهم، لخشيتهم من النظرة السّلبية للأقران أو الأقارب والمعارف، أو تأثر تدريبهم وعملهم المكثّف بذلك، فيلجأون إلـى المعاناة بصمت، أو تعاطي الأدوية المُقيَّدة كالمنوّمة أو الكُحوليات أو المنبهات بأنواعها، مما يؤخر العلاج الـمناسب.

من الضروري الالتفات إلـى الصحّة النفسية لدى المُمارسين الصحيين بجميع فئاتهم، ورصد إصابتهم باضطرابات المزاج وفرْط التوتر والقلق، ومدى تأثر حياتهم الصحّية والاجتماعية بالضغوط الشديدة المهْنية والاجتماعية المُمارَسة عليهم، والعمل على تحسيـن أوضاعهم الوظيفية والمالية وتوفير الحماية القانونية لهم، كما من الضروري تقييم حالاتهم النفسية والصحية من متخصصين وبمقاييس علمية بشكلٍ دوري، والعمل على تخفيف الضغوطات الإدارية والعمَلية غير المُبرّرة عنهم.

أخبار ذات صلة

سياحة بين الكتب
تمويل البلديات.. والأنشطة المحلية
الإدارة بالوضوح!
نحـــــاس
;
أدوار مجتمعية وتثقيفية رائدة لوزارة الداخلية
«صديقي دونالد ترامب»
قِيم الانتماء السعودية
جدة.. الطريق المُنتظر.. مكة!!
;
إسراف العمالة (المنزليَّة)!
اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة
الإنسان النصف!!
من طوكيو إلى واشنطن بدون طيار!!
;
التعليم أهم رسالة.. والمعلم أهم مهنة
كوني قوية فلستِ وحدكِ
شهامة سعودية.. ووفاء يمني
(مطبخ) العنونة الصحفيَّة..!!