يظنونها الجولة الأخيرة.. ولكن!
تاريخ النشر: 08 سبتمبر 2018 01:00 KSA
رغب السوريون في الانعتاق من ظلم طال أمده، عاشوا في بلادهم يتجرَّعون آلامه أكثر من أربعين عاماً، ولعلهم قد أخطأوا خطأً فادحاً عندما ظن بعضهم ألا يُرفع الظلم إلا أن يتسلَّح المظلوم؛ لينتقم من ظالمه، ونسي أن دعوة مستجابة من مظلوم تُزيح عنه ظلم أعتى ظالم، لا يرعى في خلق الله إلَّا ولا ذمّة، وكُنَّا حينها نتحدث عن ثورة سورية مسالمة تطلب العدل، وتصرخ في وجه الظالم، وأنه مهما أُوتي من قدرة على أقسى الظلم؛ وأكثره وحشية، أمام العدل الرباني، لا يمكنه أبداً أن يستمر، وحوادث التاريخ تُنبئ عن عدد من الظالمين؛ عثوا في الأرض وأفسدوا، وأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر في لمح البصر، فإذا هم يتجرَّعون من الآلام ما سقوه لمن ظلموهم، ولكن الأمر زين للبعض أن قليل السلاح يمكن معه النصر، في زمن تطورت الأسلحة تطوراً، جعل قرينها التدمير والإهلاك، وهو ما حدث في سوريا، حتى لم يبق منها إلا القليل، الذي سَلِمَ من التدمير المُبالَغ فيهِ، حيث بقي الظالم ومعاونيه وأتباعه، وظل الأمر كما بدأ، ولم يتحقق للسوريين مرادهم، وأظنهم اليوم يتمنون لو استطاعوا أن يعود بهم الزمان إلى البدايات، لما اختاروا السلاح، ولمضوا في مظاهراتهم السلمية حتى يسقط النظام، رغم أن ذلك كان سيُكلّفهم في أرواح المتظاهرين الكثير، وكنا نتمنى أن يقف العالم معهم، وقبل العالم، العرب والمسلمون كافة، حتى يتحقق لهم العدل، وألا يُحكموا بالحديد والنار، ولكن الأمر اليوم انتهى إلى ما لم يُحبه السوريون أبداً، ولا يُحبه لهم إخوانهم أبداً. وما سيتبع هذا نرجو ألا يغفل عنه العالم، فمَن ظلم زمن الحرب، أقدر على الظلم في زمن السلم، بعد أن كفت الأيدي عن قتاله. وإذا كانت الحجة التي أودت بسوريا والسوريين وجود هذه الجماعات المسلحة، والتي في أصلها تدّعي بكل ما تفعل أنها تنصر الإسلام، وهي تهلك المسلمين، وتُدمِّر أرضهم بما تفعل، وبما يفعله معها أعداء الإسلام من كل ملة، فإنها تجربة آمُل أن تكون قد هَدَت الأمة الإسلامية إلى سواء السبيل.